Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 14-25)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ } السحائب إذا أعصرت أي شارفت أن تعصرها الرياح فتمر كقولك : احصد الزرع إذا حان له أن يحصد ، ومنه أعصرت الجارية إذا دنت أن تحيض ، أو من الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب ، أو الرياح ذوات الأعاصير ، وإنما جعلت مبدأ للإنزال لأنها تنشىء السحاب وتدرأ خلافه ، ويؤيده أنه قرىء « بالمعصرات » . { مَاءً ثَجَّاجاً } منصباً بكثرة يقال ثجه وثج بنفسه . وفي الحديث " أفضل الحج العج والثج " أي رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدى ، وقرىء « ثَجَّاجاً » ومثاجج الماء مصابه . { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً } ما يقتات به وما يعتلف من التبن والحشيش . { وَجَنَّـٰتٍ أَلْفَافاً } ملتفة بعضها ببعض جمع لف كجذع . قال : @ جَنَّة لفَّ وَعَيْشٌ مُغْدق وَنَدَامى كُلُّهُمْ بِيضٌ زهر @@ أو لفيف كشريف أو لف جمع لفاء كخضراء وخضر وأخضار أو متلفة بحذف الزوائد . { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ } في علم الله تعالى أو في حكمه . { مِيقَـٰتاً } حداً تؤقت به الدنيا وتنتهي عنده ، أو حداً للخلائق ينتهون إليه . { يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّوَرِ } بدل أو بيان ليوم الفصل . { فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } جماعات من القبور إلى المحشر . روي " أنه صلى الله عليه وسلم سئل عنه فقال : يحشر عشرة أصناف من أمتي بعضهم على صورة القردة ، وبعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون يسبحون على وجوههم ، وبعضهم عمي وبعضهم صم بكم ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة على صدورهم فيسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلوبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتناً من الجيف ، وبعضهم ملبسون جباباً سابغة من قطران لازقة بجلودهم " ثم فسرهم بالقتات وأهل السحت وأكلة الربا والجائرين في الحكم والمعجبين بأعمالهم ، والعلماء الذين خالف قولهم عملهم ، والمؤذين جيرانهم والساعين بالناس إلى السلطان ، والتابعين للشهوات المانعين حق الله تعالى ، والمتكبرين الخيلاء . { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَاء } وشققت وقرأ الكوفيون بالتخفيف . { فَكَانَتْ أَبْوٰباً } فصارت من كثرة الشقوق كأن الكل أبواب أو فصارت ذات أبواب . { وَسُيّرَتِ ٱلْجِبَالُ } أي في الهواء كالهباء . { فَكَانَتْ سَرَاباً } مثل سراب إذ ترى على صورة الجبال ولم تبق على حقيقتها لتفتت أجزائها وانبثاثها . { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } موضع رصد يرصد فيه خزنة النار الكفار ، أو خزنة الجنة المؤمنين ليحرسوهم من فيحها في مجازهم عليها ، كالمضمار فإنه الموضع الذي تضمر فيه الخيل ، أو مجدة في ترصد الكفرة لئلا يشذ منها واحد كالمطعان ، وقرىء { أن } بالفتح على التعليل لقيام الساعة . { لّلطَّـٰغِينَ مَـئَاباً } مرجعاً ومأوى . { لَّـٰبِثِينَ فِيهَا } وقرأ حمزة وروح « لبثين » وهو أبلغ . { أَحْقَاباً } دهوراً متتابعة ، وليس فيها ما يدل على خروجهم منها إذ لو صح أن الحقب ثمانون سنة أو سبعون ألف سنة ، فليس فيه ما يتقضى تناهي تلك الأحقاب لجواز أن يكون المراد أحقاباً مترادفة كلما مضى حقب تبعه آخر ، وإن كان فمن قبيل المفهوم فلا يعارض المنطق الدال على خلود الكفار ، ولو جعل قوله : { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } حالاً من المستكن في { لَّـٰبِثِينَ } أو نصب { أَحْقَاباً } بـ { لاَ يَذُوقُونَ } احتمل أن يلبثوا فيها أحقاباً غير ذائقين إلا حميماً وغساقاً ، ثم يبدلون جنساً آخر من العذاب ، ويجوز أن يكون جمع حقب من حقب الرجل إذا أخطأه الرزق ، وحقب العام إذا قل مطره وخيره فيكون حالاً بمعنى لابثين فيها حقبين ، وقوله { لاَ يَذُوقُونَ } تفسير له والمراد بالبرد ما يروحهم وينفس عنهم حر النار أو النوم ، وبالغساق ما يغسق أي يسيل من صديدهم ، وقيل الزمهرير وهو مستثنى من البرد إلا أنه أخر ليتوافق رؤوس الآي ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالتشديد .