Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 1-11)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وآيها خمس أو ست وأربعون آية بسم الله الرحمن الرحيم { وَٱلنَّـٰزِعَـٰتِ غَرْقاً وَٱلنَّـٰشِطَـٰتِ نَشْطاً وَٱلسَّـٰبِحَـٰتِ سَبْحاً فَٱلسَّـٰبِقَـٰتِ سَبْقاً } { فَٱلْمُدَبّرٰتِ أَمْراً } . هذه صفات ملائكة الموت فإنهم ينزعون أرواح الكفار من أبدانهم غرقاً أي إغراقاً في النزع ، فإنهم ينزعونها من أقاصي الأبدان ، أو نفوساً غرقت في الأجساد وينشطون أي يخرجون أرواح المؤمنين برفق من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها ، ويسبحون في إخراجها سبح الغواص الذي يخرج الشيء من أعماق البحر ، فيسبقون بأرواح الكفار إلى النار وبأرواح المؤمنين إلى الجنة ، فيدبرون أمر عقابها وثوابها بأن يهيئوها لإدراك ما أعد لها من الآلام واللذات ، أو الأوليان لهم والباقيات لطوائف من الملائكة يسبحون في مضيها أي يسرعون فيه فيسبقون إلى ما أمروا به فيدبرون أمره ، أو صفات النجوم فإنها تنزع من المشرق إلى المغرب غرقاً في النزع بأن تقطع الفلك حتى تنحط في أقصى الغرب ، وتنشط من برج إلى برج أي تخرج من نشط الثور إذا خرج من بلد إلى بلد ، ويسبحن في الفلك فيسبق بعضها في السير لكونه أسرع حركة فيدبر أمراً نيط بها ، كاختلاف الفصول وتقدير الأزمنة وظهور مواقيت العبادات ، ولما كانت حركاتها من المشرق إلى المغرب قسرية وحركاتها من برج إلى برج ملائمة سمى الأولى نزعاً والثانية نشطاً ، أو صفات النفوس الفاضلة حال المفارقة فإنها تنزع عن الأبدان غرقاً أي نزعاً شديداً من إغراق النازع في القوس ، وتنشط إلى عالم الملكوت وتسبح فيها فتسبق إلى حظائر القدس فتصير لشرفها وقوتها من المدبرات ، أو حال سلوكها فإنها تنزع عن الشهوات فتنشط إلى عالم القدس ، فتسبح في مراتب الارتقاء فتسبق إلى الكمالات حتى تصير من المكملات ، أو صفات أنفس الغزاة ، أو أيديهم تنزع القسي بإغراق السهام وينشطون بالسهم للرمي ويسبحون في البر والبحر فيسبقون إلى حرب العدو فيدبرون أمرها ، أو صفات خيلهم فإنها تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها وتخرج من دار الإسلام إلى دار الكفر ، وتسبح في حربها فتسبق إلى العدو فتدبر أمر الظفر . أقسم الله تعالى بها على قيام الساعة وإنما حذف لدلالة ما بعده عليه . { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ } وهو منصوب به والمراد بـ { ٱلرَّاجِفَةُ } الأجرام الساكنة التي تشتد حركتها حينئذ كالأرض والجبال لقوله تعالى : { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ } أو الواقعة التي ترجف الأجرام عندها وهي النفخة الأولى . { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } التابعة وهي السماء والكواكب تنشق وتنشر ، أو النفخة الثانية . والجملة في موقع الحال . { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } شديدة الاضطراب من الوجيف وهي صفة القلوب والخبر : { أَبْصَـٰرُهَا خَـٰشِعَةٌ } أي أبصار أصحابها ذليلة من الخوف ولذلك أضافها إلى القلوب . { يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَـٰفِرَةِ } في الحالة الأولى يعنون الحياة بعد الموت من قولهم رجع فلان في حافرته أي طريقه التي جاء فيها ، فحفرها أي أثر فيها بمشيه على النسبة كقوله تعالى : { فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [ القارعة : 7 ] أو تشبيه القائل بالفاعل وقرىء « في الحفرة » بمعنى المحفورة يقال حفرت أسنانه فحفرت حفراً وهي حفرة . { أَئِذَا كُنَّا } وقرأ نافع وابن عامر والكسائي { إِذَا كُنَّا } على الخبر . { عِظَـٰماً نَاخِرَةً } بالية وقرأ الحجازيان والشامي وحفص وروح « نَّخِرَةً » وهي أبلغ .