Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 16-20)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرّفاً لّقِتَالٍ } يريد الكر بعد الفر وتغرير العدو ، فإنه من مكايد الحرب . { أَوْ مُتَحَيّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ } أو منحازاً إلى فئة أخرى من المسلمين على القرب ليستعين بهم ، ومنهم من لم يعتبر القرب لما روى ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان في سرية بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ففروا إلى المدينة فقلت : يا رسول الله نحن الفرارون فقال : " بل أنتم العكارون وأنا فئتكم " وانتصاب متحرفاً ومتحيزاً على الحال وإلا لغو لا عمل لها ، أو الاستثناء من المولين أي إلا رجلاً متحرفاً أو متحيزاً ، ووزن متحير متفيعل لا متفعل وإلا لكان متحوزاً لأنه من حاز يحوز . { فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } هذا إذا لم يزد العدو على الضعف لقوله : { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ } [ الأنفال : 66 ] الآية ، وقيل الآية مخصوصة بأهل بيته والحاضرين معه في الحرب . { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } بقوتكم . { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } بنصركم وتسليطكم عليهم وإلقاء الرعب في قلوبهم . روي : أنه لما طلعت قريش من العقنقل قال عليه الصلاة والسلام : هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك ، اللهم إني أسألك ما وعدتني فأتاه جبريل عليه السلام وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها ، فلما التقى الجمعان تناول كفاً من الحصباء فرمى بها في وجوههم وقال « شاهت الوجوه » ، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ، ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر فيقول الرجل قتلت وأسرت ، فنزلت . والفاء جواب شرط محذوف تقديره : إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم . { وَمَا رَمَيْتَ } يا محمد رمياً توصله إلى أعينهم ولم تقدر عليه . { إِذْ رَمَيْتَ } أي إذ أتيت بصورة الرمي . { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } أتى بما هو غاية الرمي فأوصلها إلى أعينهم جميعاً حتى انهزموا وتمكنتم من قطع دابرهم ، وقد عرفت أن اللفظ يطلق على المسمى وعلى ما هو كماله والمقصود منه . وقيل معناه ما رميت بالرعب إذ رميت بالحصباء ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم . وقيل إنه نزل في طعنة طعن بها أبي بن خلف يوم أحد ولم يخرج منه دم فجعل يخور حتى مات . أو رمية سهم رماه يوم خيبر نحو الحصن فأصاب كنانة بن أبي الحقيق على فراشه ، والجمهور على الأول . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي { وَلَـٰكِنِ } بالتخفيف ورفع ما بعده في الموضعين . { وَلِيُبْلِىَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا } ولينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة ومشاهدة الآيات فعل ما فعل . { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } لاستغاثتهم ودعائهم . { عَلِيمٌ } بنياتهم وأحوالهم . { ذٰلِكُمْ } إشارة إلى البلاء الحسن ، أو القتل أو الرمي ، ومحله الرفع أي المقصود أو الأمر ذلكم وقوله : { وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } معطوف عليه أي المقصود إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وإبطال حيلهم . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو { مُوهِنُ } بالتشديد ، وحفص { مُوهِنُ كَيْدِ } بالإِضافة والتخفيف . { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ ٱلْفَتْحُ } خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم ، وذلك أنهم حين أرادوا الخروج تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا : اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين . { وَإِن تَنتَهُواْ } عن الكفر ومعاداة الرسول { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } لتضمنه سلامة الدارين وخير المنزلين . { وَإِن تَعُودُواْ } لمحاربته . { نَعُدُّ } لنصرته عليكم . { وَلَن تُغْنِىَ } ولن تدفع . { عَنكُمْ فِئَتُكُمْ } جماعتكم . { شَيْئاً } من الإغناء أو المضار . { وَلَوْ كَثُرَتْ } فئتكم . { وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بالنصر والمعونة . وقرأ نافع وابن عامر وحفص { وَأَنْ } بالفتح على تقدير ولأن الله مع المؤمنين كان ذلك . وقيل الآية خطاب للمؤمنين والمعنى : إن تستنصروا فقد جاءكم النصر ، وإن تنتهوا عن التكاسل في القتال والرغبة عما يستأثره الرسول فهو خير لكم وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار أو تهييج العدو ، ولن تغني حينئذ كثرتكم إذا لم يكن الله معكم بالنصر فإنه مع الكاملين في إيمانهم ويؤيد ذلك . { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ } أي ولا تتولوا عن الرسول ، فإن المراد من الآية الأمر بطاعته والنهي عن الإِعراض عنه ، وذكر طاعة الله للتوطئة والتنبيه على أن طاعة الله في طاعة الرسول لقوله تعالى { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } [ النساء : 80 ] وقيل الضمير للجهاد أو للأمر الذي دل عليه الطاعة . { وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ } القرآن والمواعظ سماع فهم وتصديق .