Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 35-40)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ } أي دعاؤهم أو ما يسمونه صلاة ، أو ما يضعون موضعها . { إِلاَّ مُكَاء } صفيراً فعال من مكا يمكو إذا صفر . وقرىء بالقصر كالبكا . { وَتَصْدِيَةً } تصفيقاً تفعله من الصدا ، أو من الصد على إبدال أحد حرفي التضعيف بالياء . وقرىء { صَلاَتِهِمْ } بالنصب على أنه الخبر المقدم ، ومساق الكلام لتقرير استحقاقهم العذاب أو عدم ولايتهم للمسجد فإنها لا تليق بمن هذه صلاته . روي : أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون . وقيل : كانوا يفعلون ذلك إذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي يخلطون عليه ويرون أنهم يصلون أيضاً . { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } يعني القتل والأسر يوم بدر ، وقيل عذاب الآخرة واللام يحتمل أن تكون للعهد والمعهود : { ٱئْتِنَا بِعَذَابِ } . { بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } اعتقاداً وعملاً . { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلاً من قريش يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزر ، أو في أبي سفيان استأجر ليوم أحد ألفين من العرب سوى من استجاش من العرب ، وأنفق عليهم أربعين أوقية . أو في أصحاب العير فإنه لما أصيب قريش ببدر قيل لهم أعينوا بهذا المال على حرب محمد لعلنا ندرك منه ثأرنا ففعلوا ، والمراد بـ { سَبِيلِ ٱللَّهِ } دينه واتباع رسوله . { فَسَيُنفِقُونَهَا } بتمامها ولعل الأول إخبار عن إنفاقهم في تلك الحال وهو إنفاق بدر ، والثاني إخبار عن إنفاقهم فيما يستقبل وهو إنفاق أحد ، ويحتمل أن يراد بهما واحد على أن مساق الأول لبيان غرض الإِنفاق ومساق الثاني لبيان عاقبته وإنه لم يقع بعد . { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } ندماً وغماً لفواتها من غير مقصود جعل ذاتها تصير حسرة وهي عاقبة إنفاقها مبالغة . { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } آخر الأمر وإن كان الحرب بينهم سجالاً قبل ذلك . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي الذين ثبتوا على الكفر منهم إذا أسلم بعضهم . { إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } يساقون . { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيّبِ } الكافر من المؤمن ، أو الفساد من الصلاح . واللام متعلقة بـ { يُحْشَرُونَ } أو { يُغْلَبُونَ } أو ما أنفقه المشركون في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أنفقه المسلمون في نصرته ، واللام متعلقة بقوله { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب { لِيَمِيزَ } من التمييز وهو أبلغ من الميز . { وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } فيجمعه ويضم بعضه إلى بعض حتى يتراكبوا لفرط ازدحامهم ، أو يضم إلى الكافر ما أنفقه ليزيد به عذابه كمال الكانزين . { فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ } كله . { أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى الخبيث لأنه مقدر بالفريق الخبيث أو إلى المنفقين . { هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } الكاملون في الخسران لأنهم خسروا أنفسهم وأموالهم . { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني أبا سفيان وأصحابه والمعنى قل لأجلهم . { إِن يَنتَهُواْ } عن معاداة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدخول في الإسلام . { يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } من ذنوبهم ، وقرىء بالتاء والكاف على أنه خاطبهم و { يَغْفِرُ } على البناء للفاعل وهو الله تعالى . { وَإِن يَعُودُواْ } إلى قتاله . { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } الذين تحزبوا على الأنبياء بالتدمير كما جرى على أهل بدر فليتوقعوا مثل ذلك . { وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } لا يوجد فيهم شرك . { وَيَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلهِ } وتضمحل عنهم الأديان الباطلة . { فَإِنِ انْتَهَوْاْ } عن الكفر . { فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامهم . وعن يعقوب « تعملون » بالتاء على معنى فإن الله بما تعملون من الجهاد والدعوة إلى الإِسلام والإِخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإِيمان بصير ، فيجازيكم ويكون تعليقه بانتهائهم دلالة على أنه كما يستدعي إثابتهم للمباشرة يستدعي إثابة مقاتليهم للتسبب . { وَإِن تَوَلَّوْاْ } ولم ينتهوا . { فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ } ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم . { نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ } لا يضيع من تولاه . { وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } لا يغلب من نصره .