Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 42-42)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا } بدل من { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } ، والعدوة بالحركات الثلاث شط الوادي وقد قرىء بها ، والمشهور الضم والكسر وهو قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب . { وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ } البعدى من المدينة ، تأنيث الأقصى وكان قياسه قلب الواو ياء كالدنيا والعليا تفرقة بين الاسم والصفة فجاء على الأصل كالقود وهو أكثر استعمالاً من القصيا . { وَٱلرَّكْبُ } أي العير أو قوادها . { أَسْفَلَ مِنكُمْ } في مكان أسفل من مكانكم يعني الساحل ، وهو منصوب على الظرف واقع موقع الخبر والجملة حال من الظرف قبله ، وفائدتها الدلالة على قوة العدو واستظهارهم بالركب وحرصهم على المقاتلة عنها وتوطين نفوسهم على أن لا يخلوا مراكزهم ويبذلوا منتهى جهدهم ، وضعف شأن المسلمين والتياث أمرهم واستبعاد غلبتهم عادة ، وكذا ذكر مراكز الفريقين فإن العدوة الدنيا كانت رخوة تسوخ فيها الأرجل ولا يمشي فيها إلا بتعب ولم يكن بها ماء ، بخلاف العدوة القصوى وكذا قوله : { وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَـٰدِ } أي لو تواعدتم أنتم وهم القتال ثم علمتم حالكم وحالهم لاختلفتم أنتم في الميعاد هيبة منهم ، ويأساً من الظفر عليهم ليتحققوا أن ما اتفق لهم من الفتح ليس إلا صنعاً من الله تعالى خارقاً للعادة فيزدادوا إيماناً وشكراً . { وَلَـٰكِنِ } جمع بينكم على هذه الحال من غير ميعاد . { لّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } حقيقاً بأن يفعل وهو نصر أوليائه وقهر أعدائه ، وقوله : { لّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَىَّ عَن بَيّنَةٍ } بدل منه أو متعلق بقوله مفعولاً والمعنى : ليموت من يموت عن بينة عاينها ويعيش من يعيش عن حجة شاهدها لئلا يكون له حجة ومعذرة ، فإن وقعة بدر من الآيات الواضحة . أو ليصدر كفر من كفر وإيمان من آمن عن وضوح بينة على استعارة الهلاك والحياة للكفر والإِسلام ، والمراد بمن هلك ومن حي المشارف للهلاك والحياة ، أو من هذا حاله في علم الله وقضائه . وقرىء " ليَهْلَكَ " بالفتح وقرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر ويعقوب من " حيي " بفك الإِدغام للحمل على المستقبل . { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } بكفر من كفر وعقابه ، وإيمان من آمن وثوابه ، ولعل الجمع بين الوصفين لاشتمال الأمرين على القول والاعتقاد .