Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 50-56)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ تَرَى } ولو رأيت فإن لو تجعل المضارع ماضياً عكس إن . { إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلَـئِكَةُ } ببدر ، وإذ ظرف ترى والمفعول محذوف أي ولو ترى الكفرة أو حالهم حينئذ ، والملائكة فاعل يتوفى ويدل عليه قراءة ابن عامر بالتاء ويجوز أن يكون الفاعل ضمير الله عز وجل وهو مبتدأ خبره { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ } والجملة حال من الذين كفروا ، واستغني فيه بالضمير عن الواو وهو على الأول حال منهم أو من الملائكة أو منهما لاشتماله على الضميرين . { وَأَدْبَـٰرَهُمْ } ظهورهم أو أستاههم ، ولعل المراد تعميم الضرب أي يضربون ما أقبل منهم وما أدبر . { وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } عطف على يضربون بإضمار القول أي ويقولون ذوقوا بشارة لهم بعذاب الآخرة . وقيل كانت معهم مقامع من حديد كلما ضربوا التهبت النار منها ، وجواب { لَوْ } محذوف لتفظيع الأمر وتهويله . { ذٰلِكَ } الضرب والعذاب . { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } بسبب ما كسبت من الكفر والمعاصي وهو خبر لذلك . { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ } عطف على « ما » للدلالة على أن سببيته بانضمامه إليه إذ لولاه لأمكن أن يعذبهم بغير ذنوبهم لا أن لا يعذبهم بذنوبهم . فإن ترك التعذيب من مستحقه ليس بظلم شرعاً ولا عقلاً حتى ينتهض نفي الظلم سبباً للتعذيب وظلام التكثير لأجل العبيد . { كَدَأْبِ ءالِ فِرْعَوْنَ } أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون وهو عملهم وطريقهم الذي دأبوا فيه أي داموا عليه . { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من قبل آل فرعون . { كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ } تفسير لدأبهم . { فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } كما أخذ هؤلاء . { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } لا يغلبه في دفعه شيء . { ذٰلِكَ } إشارة إلى ما حل بهم . { بِأَنَّ ٱللَّهَ } بسبب أن الله . { لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ } مبدلاً إياها بالنقمة . { حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ } يبدلوا ما بهم من الحال إلى حال أسوأ ، كتغيير قريش حالهم في صلة الرحم والكف عن تعرض الآيات والرسل بمعادة الرسول عليه الصلاة والسلام ومن تبعه منهم ، والسعي في إراقة دمائهم والتكذيب بالآيات والاستهزاء بها إلى غير ذلك مما أحدثوه بعد المبعث ، وليس السبب عدم تغيير الله ما أنعم عليهم حتى يغيروا حالهم بل ما هو المفهوم له وهو جري عادته على تغييره متى يغيروا حالهم ، وأصل يك يكون فحذفت الحركة للجزم ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم النون لشبهه بالحروف اللينة تخفيفاً . { وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } لما يقولون . { عَلِيمٌ } بما يفعلون . { كَدَأْبِ ءالِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَـٰتِ رَبّهِمْ فَأَهْلَكْنَـٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا ءالَ فِرْعَونَ } تكرير للتأكيد ولما نيط به من الدلالة على كفران النعم بقوله : { بآيَـٰتِ رَبّهِمْ } وبيان ما أخذ به آل فرعون . وقيل الأول لتشبيه الكفر والأخذ به والثاني لتشبيه التغيير في النعمة بسبب تغييرهم ما بأنفسهم . { وَكُلٌّ } من الفرق المكذبة ، أو من غرقى القبط وقتلى قريش . { كَانُواْ ظَـٰلِمِينَ } أنفسهم بالكفر والمعاصي . { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أصروا على الكفر ورسخوا فيه . { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } فلا يتوقع منهم إيمان ، ولعله إخبار عن قوم مطبوعين على الكفر بأنهم لا يؤمنون ، والفاء للعطف والتنبيه على أن تحقق المعطوف عليه يستدعي تحقق المعطوف ، وقوله : { ٱلَّذِينَ عَـٰهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلّ مَرَّةٍ } بدل من الذين كفروا بدل البعض للبيان والتخصيص ، وهم يهود قريظة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمالئوا عليه فأعانوا المشركين بالسلاح وقالوا : نسينا ثم عاهدهم فنكثوا ومالؤوهم عليه يوم الخندق ، وركب كعب بن الأشرف إلى مكة فحالفهم . ومن لتضمين المعاهدة معنى الأخذ والمراد بالمرة مرة المعاهدة أو المحاربة . { وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } سبة الغدر ومغبته ، أو لا يتقون الله فيه أو نصره للمؤمنين وتسليطه إياهم عليهم .