Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 63-70)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ } أن الشأن وقرىء بالتاء . { مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } يشاقق مفاعلة من الحد . { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا } على حذف الخبر أي فحق أن له أو على تكرير أن للتأكيد ويحتمل أن يكون معطوفاً على أنه ويكون الجواب محذوفاً تقديره من يحادد الله ورسوله يهلك ، وقرىء { فَإن } بالكسر . { ذٰلِكَ ٱلْخِزْىُ ٱلْعَظِيمُ } يعني الهلاك الدائم . { يَحْذَرُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ } على المؤمنين . { سُورَةٌ تُنَبّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم } وتهتك عليهم أستارهم ، ويجوز أن يكون الضمائر للمنافقين فإن النازل فيهم كالنازل عليهم من حيث إنه مقروء ومحتج به عليهم ، وذلك يدل على ترددهم أيضاً في كفرهم وأنهم لم يكونوا على بت في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء . وقيل إنه خبر في معنى الأمر . وقيل كانوا يقولونه فيما بينهم استهزاء لقوله : { قُلْ ٱسْتَهْزِءواْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ } مبرز أو مظهر . { مَّا تَحْذَرُونَ } أي ما تحذرونه من إنزال السورة فيكم ، أو ما تحذرون إظهاره من مساويكم . { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } روي : أن ركب المنافقين مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقالوا : انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه هيهات هيهات ، فأخبر الله تعالى به نبيه فدعاهم فقال : « قلتم كذا وكذا » فقالوا لا والله ما كنا في شيء من أمرك وأمر أصحابك ولكن كنا في شيء مما يخوض فيه الركب ليقصر بعضنا على بعض السفر . { قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءايَـٰتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهزِؤون } توبيخاً على استهزائهم بمن لا يصح الاستهزاء به ، وإلزاماً للحجة عليهم ولا تعبأ باعتذارهم الكاذب . { لاَ تَعْتَذِرُواْ } لا تشتغلوا باعتذارتكم فإنها معلومة الكذب . { قَدْ كَفَرْتُمْ } قد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم والطعن فيه . { بَعْدَ إِيمَـٰنِكُمْ } بعد إظهاركم الإيمان . { إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مّنْكُمْ } لتوبتهم وإخلاصهم ، أو لتجنبهم عن الإيذاء والاستهزاء . { نُعَذّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } مصرين على النفاق أو مقدمين على الإِيذاء والاستهزاء . وقرأ عاصم بالنون فيهما . وقرىء بالياء وبناء الفاعل فيهما وهو الله « وإن تعف » بالتاء والبناء على المفعول ذهاباً إلى المعنى كأنه قال : أن ترحم طائفة . { ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ } أي متشابهة في النفاق والبعد عن الإِيمان كأبعاض الشيء الواحد . وقيل إنه تكذيب لهم في حلفهم بالله إنهم لمنكم وتقرير لقولهم وما هم منكم وما بعده كالدليل عليه ، فإنه يدل على مضادة حالهم لحال المؤمنين وهو قوله : { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ } بالكفر والمعاصي . { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } عن الإِيمان والطاعة . { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } عن المبار ، وقبض اليد كناية عن الشح . { نَسُواْ ٱللَّهَ } غفلوا عن ذكر الله وتركوا طاعته . { فَنَسِيَهُمْ } فتركهم من لطفه وفضله . { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ هُمُ الْفَـٰسِقُونَ } الكاملون في التمرد والفسوق عن دائرة الخير . { وَعَدَ الله الْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } مقدرين الخلود . { هِىَ حَسْبُهُمْ } عقابًا وجزاء وفيه دليل على عظم عذابها . { وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أبعدهم من رحمته وأهانهم . { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } لا ينقطع والمراد به ما وعدوه أو ما يقاسونه من تعب النفاق . { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } أي أنتم مثل الذين ، أو فعلتم مثل فعل الذين من قبلكم . { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوٰلاً وَأَوْلَـٰدًا } بيان لتشبيههم بهم وتمثيل حالهم بحالهم . { فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلَـٰقِهِمْ } نصيبهم من ملاذ الدنيا ، واشتقاقه من الخلق بمعنى التقدير فإنه ما قدر لصاحبه . { فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلـٰقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلَـٰقِهِمْ } ذم الأولين باستمتاعهم بحظوظهم المخدجة من الشهوات الفانية والتهائهم بها عن النظر في العاقبة والسعي في تحصيل اللذائذ الحقيقية تمهيداً لذم المخاطبين بمشابهتهم واقتفاء أثرهم . { وَخُضْتُمْ } ودخلتم في الباطل . { كَٱلَّذِي خَاضُواْ } كالذين خاضوا ، أو كالفوج الذي خاضوا ، أو كالخوض الذي خاضوه . { أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ } لم يستحقوا عليها ثواباً في الدارين . { وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } الذين خسروا الدنيا والآخرة . { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ } أغرقوا بالطوفان . { وَعَادٌ } أهلكوا بالريح . { وَثَمُودُ } أهلكوا بالرجفة . { وَقَوْمِ إِبْرٰهِيمَ } أهلك نمروذ ببعوض وأهلك أصحابه . { وِأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ } وأهل مدين وهم قوم شعيب أهلكوا بالنار يوم الظلة . { وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ } قريات قوم لوط ائتفكت بهم أي انقلبت بهم فصار عاليها سافلها ، وأمطروا حجارة من سجيل ، وقيل قريات المكذبين المتمردين وائتفاكهن انقلاب أحوالهن من الخير إلى الشر . { أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ } يعني الكل . { بِٱلْبَيّنَـٰتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } أي لم يك من عادته ما يشابه ظلم الناس كالعقوبة بلا جرم . { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } حيث عرضوها للعقاب بالكفر والتكذيب .