Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 96, Ayat: 1-19)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية . وآيها تسع عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبّكَ } أي اقرأ القرآن مفتتحاً باسمه سبحانه وتعالى . أو مستعيناً به . { ٱلَّذِى خَلَقَ } أي الذي له الخلق أو الذي خلق كل شيء ، ثم أفرد ما هو أشرف وأظهر صنعاً وتدبيراً وأدل على وجوب العبادة المقصودة من القراءة فقال : { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } أو الذي { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } فأبهم أولاً ثم فسر تفخيماً لخلقه ودلالة على عجيب فطرته . { مِنْ عَلَقٍ } جمعه على { ٱلإِنسَـٰنَ } في معنى الجمع ولما كان أول الواجبات معرفة الله سبحانه وتعالى نزل أولاً ما يدل على وجوده وفرط قدرته وكمال حكمته . { ٱقْرَأْ } تكرير للمبالغة ، أو الأول مطلق والثاني للتبليغ أو في الصلاة ولعله لما قيل له : { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبّكَ } فقال : " ما أنا بقارىء " فقيل له اقرأ : { وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } الزائد في الكرم على كل كريم فإنه سبحانه وتعالى ينعم بلا عوض ويحلم من غير تخوف ، بل هو الكريم وحده على الحقيقة . { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } أي الخط بالقلم ، وقد قرىء به لتقيد به العلوم ويعلم به البعيد . { عَلَّمَ ٱلإِنسَـٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } بخلق القوى ونصب الدلائل وإنزال الآيات فيعلمك القراءة وإن لم تكن قارئاً ، وقد عدد سبحانه وتعالى مبدأ أمر الإنسان ومنتهاه إظهاراً لما أنعم عليه ، من أن نقله من أخس المراتب إلى أعلاها تقريراً لربوبيته وتحقيقاً لأكرميته ، وأشار أولاً إلى ما يدل على معرفته عقلاً ثم نبه على ما يدل عليها سمعاً . { كَلاَّ } ردع لمن كفر بنعمة الله بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه . { إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَيَطْغَىٰ } . { أَن رَّءاهُ ٱسْتَغْنَىٰ } أن رأى نفسه ، واستغنى مفعوله الثاني لأنه بمعنى علم ولذلك جاز أن يكون فاعله ومفعوله ضميرين لواحد . { إِنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } الخطاب للإنسان على الالتفات تهديداً وتحذيراً من عاقبة الطغيان ، و { ٱلرُّجْعَىٰ } مصدر كالبشرى . { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } نزلت في أبي جهل قال لو رأيت محمداً ساجداً لوطئت عنقه ، فجاءه ثم نكص على عقبيه فقيل له مالك ، فقال إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة . فنزلت ولفظ العبد وتنكيره للمبالغة في تقبيح النهي والدلالة على كمال عبودية المنهي . { أَرَءَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } أرأيت تكرير للأول وكذا الذي في قوله : { أَرَءيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } والشرطية مفعوله الثاني وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب الشرط الثاني الواقع موقع القسيم له . والمعنى أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على هدى فيما ينهى عنه ، أو آمراً { بِٱلتَّقْوَىٰ } فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقده ، أو إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الصواب كما تقول ، { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } ويطلع على أحواله من هداه وضلاله . وقيل المعنى { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ عَبْداً } يصلي والمنهي على الهدى آمراً بالتقوى ، والناهي مكذب متولٍ فما أعجب من ذا . وقيل الخطاب في الثانية مع الكافر فإنه سبحانه وتعالى كالحاكم الذي حضره الخصمان يخاطب هذا مرة والآخر أخرى ، وكأنه قال يا كافر أخبرني إن كان صلاته هدى ودعاؤه إلى الله سبحانه وتعالى أمراً بالتقوى أتنهاه ، ولعله ذكر الأمر بالتقوى في التعجب والتوبيخ ولم يتعرض له في النهي لأن النهي كان عن الصلاة والأمر بالتقوى ، فاقتصر على ذكر الصلاة لأنه دعوة بالفعل أو لأن نهي العبد إذا صلى يحتمل أن يكون لها ولغيرها ، وعامة أحوالها محصورة في تكميل نفسه بالعبادة وغيره بالدعوة . { كَلاَّ } ردع للناهي . { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ } عما هو فيه . { لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار ، والسفع القبض على الشيء وجذبه بشدة ، وقرىء « لنَسْفَعَنَّ » بنون مشددة و « لأسفعن » ، وكتابته في المصحف بالألف على حكم الوقف والاكتفاء باللام عن الإِضافة للعلم بأن المراد ناصية المذكور . { نَاصِيَةٍ كَـٰذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } بدل من الناصية وإنما جاز لوصفها ، وقرئت بالرفع على هي ناصية والنصب على الذم ووصفها بالكذب والخطأ ، وهما لصاحبها على الإسناد المجازي للمبالغة . { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } أي أهل ناديه ليعينوه وهو المجلس الذي ينتدي فيه القوم . روي أنا أبا جهل لعنه الله مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فقال : ألم أنهك ، فاغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي نادياً فنزلت " { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } ليجروه إلى النار وهو في الأصل الشرط واحدها زبنية كعفرية من الزبن وهو الدفع ، أو زبني على النسب وأصلها زباني والتاء معوضة عن الياء . { كَلاَّ } ردع أيضاً للناهي . { لاَ تُطِعْهُ } أي أثبت أنت على طاعتك . { وَٱسْجُدْ } داوم على سجودك . { وَٱقْتَرِب } وتقرب إلى ربك وفي الحديث " أقرب ما يكون العبد إلى ربه إذا سجد " عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة العلق أعطي من الأجر كأنما قرأ المفصل كله " .