Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 24-35)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فناداها من تحتها ألاَّ تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً } نهر ماءٍ جارٍ ، وكان تحت الأكمة نهرٌ قد انقطع الماء منه ، فأرسل الله سبحانه الماء فيه لمريم . { وهزي } وحرِّكي { إليك } إلى نفسك { بجذع النخلة تُسَاقط } النَّخلة { عليك رطباً جنياً } غضَّاً ساعةَ جُني ، وذلك أنَّ الله تعالى أحيا لها تلك النَّخلة بعد يبسها ، فأورقت وأثمرت وأرطبت . { فكلي } من الرُّطب { واشربي } من الماء السَّري { وقري عيناً } بولدك { فإمَّا ترينَّ من البشر أحداً } فسألك عن ولدك ، ولامَك عليه { فقولي إني نذرت للرحمن صوماً } صمتاً ، أَيْ : قولي له : إني أوجبت على نفسي لله سبحانه أن لا أتكلَّم ، وذلك أنَّ الله تعالى أراد أن يظهر براءتها من جهة عيسى عليه السَّلام يتكلَّم ببراءة أمِّه وهو في المهد ، فذلك قوله : { فلن أكلم اليوم إنسياً } . { فأتت به } بعيسى بعد ما طهرت من نفاسها { قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً } عظيماً منكراً ، ولداً من غير أبٍ ! { يا أخت هارون } كان لها أخٌ صالحٌ من جهة أبيها يسمَّى هارون . وقيل : هارون رجلٌ صالحٌ كان من أمثل بني إسرائيل ، فقيل لمريم : يا شبيهته في العفاف { ما كان أبوك } عمران { امْرَأَ سوء } زانٍ { وما كانت أمك } حنَّة { بغياً } زانيةً ، فمن أين لك هذا الولد من غير زوجٍ ؟ { فأشارت } إلى عيسى بأن يجعلوا الكلام معه ، فتعجَّبوا من ذلك وقالوا : { كيف نكلم من كان في المهد صبياً } يعني : رضيعاً في الحِجْر . { قال } عيسى عند ذلك : { إني عبد الله } أقرَّ على نفسه بالعبوديَّة لله سبحانه { آتاني الكتاب } علَّمني التَّوراة . وقيل : الخطَّ . { وجعلني نبياً وجعلني مباركاً } معلِّماً للخير أدعو إلى الله تعالى { أينما كنت وأوصاني بالصلاة } أمرني بالصلاة { والزَّكاة } الطَّهارة { ما دمت حيَّاً } . { وبرَّاً } لطيفاً { بوالدتي } . { والسلام عليَّ يوم ولدت … } الآية . أَيْ : السَّلامة عليَّ من الله تعالى في هذه الأحوال . { ذلك عيسى ابنُ مريم } أَيْ : الذي قال : { إني عبد الله آتاني الكتاب … } الآية ، هو عيسى ابن مريم لا ما يقول النَّصارى مِنْ أنَّه إله ، وإنَّه ابن الله ، { قول الحق } أيْ : هذا الكلام قول الحقِّ ، والحقُّ : هو الله سبحانه . وقيل : معنى قول الحقِّ : أنَّه كلمةُ الله { الذي فيه يمترون } يشكُّون . يعني : اليهود ، يقولون : إنَّه لِزَنيةٍ ، وإنَّه كذَّاب ساحر ، ويقول النَّصارى : إنَّه ابن الله . { ما كان لله } ما ينبغي له سبحانه { أن يتخذ من ولد } أَيْ : ولداً { سبحانه } تنزيهاً له عن ذلك { إذا قضى أمراً } أراد كونه { فإنَّما يقول له كن فيكون } كما قال لعيسى : كن فكان من غير أبٍ .