Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 20-25)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يكاد البرقُ يخطف أبصارهم } هذا تمثيلٌ آخر ، يقول : يكاد ما في القرآن من الحجج يخطف قلوبهم من شدَّة إزعاجها إلى النَّظر في أمر دينهم { كلما أضاءَ لهم مشوا فيه } : كُلَّما سمعوا شيئاً ممَّا يُحبّون صدَّقوا ، وإذا سمعوا ما يكرهون وقفوا ، وذلك قولُه عزَّ وجلَّ : { وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم } أَيْ : بأسماعهم الظَّاهرة ، وأبصارهم الظَّاهرة ، كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة حتى صاروا صُمَّاً عُمياً ، فليحذروا عاجل عقوبة الله سبحانه وآجلها ، فـ { إنَّ الله على كل شيء قديرٌ } من ذلك . { يا أيُّها النَّاس } يعني : أهل مكَّة { اعبدوا ربَّكم } : اخضعوا له بالطَّاعة { الذي خلقكم } : ابتدأكم ولم تكونوا شيئاً { والذين من قبلكم } [ آباءكم ] [ وخلق الذين من قبلكم ] . أي : إنَّ عبادة الخالق أولى من عبادة المخلوق وهو الصَّنم { لعلَّكم تتقون } لكي تتقوا بعبادته عقوبته أن تحلَّ بكم . { الذي جعل لكم الأرض فراشاً } بساطاً ، لم يجعلها حَزْنةً غليظةً لا يمكن الاستقرار عليها { والسماء بناءً } سقفاً { وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات } يعني : حمل الأشجار جميع ما ينتفع به ممَّا يخرج من الأرض { فلا تجعلوا لله أنداداً } : أمثالاً من الأصنام التي تعبدونها { وأنتم تعلمون } أنَّهم لا يخلقون ، والله هو الخالق ، وهذا احتجاجٌ عليهم في إثبات التَّوحيد ، ثمَّ احتجَّ عليهم في إثبات نبوَّة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم به ، فقال : { وإنْ كنتم في ريب مما نزلنا } [ أي : وإن كنتم ] في شكٍّ من صدق هذا الكتاب الذي أنزلناه على محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وقلتم : لا ندري هل هو من عند الله أم لا { فأتوا بسورة } من مثل هذا القرآن في الإِعجاز ، وحسن النَّظم ، والإِخبار عمَّا كان وما يكون ، { وادعوا شهداءكم } واستعينوا بآلهتكم التي تدعونها { من دون الله إن كنتم صادقين } أنَّ محمداً تقوَّله من نفسه . { فإنْ لم تفعلوا } هذا فيما مضى ، { ولن تفعلوا } هُ أيضاً فيما يُستقبل أبداً { فاتقوا } فاحذروا أن تصلوا { النَّار التي وقودها } ما يُوقد به { الناسُ والحجارة } يعني حجارة الكبريت ، وهي أشدُّ لاتِّقادها { أعدَّت } [ خُلقت وهُيِّئت ] جزاءً { للكافرين } بتكذيبهم ، ثمَّ ذكر جزاء المؤمنين فقال : { وبشِّر الذين آمنوا } أَيْ : أخبرهم خبراً يظهر به أثر السُّرور على بشرتهم { وعملوا الصالحات } أَي : الأعمال الصَّالحات ، يعني الطَّاعات فيما بينهم وبين ربِّهم { أنَّ لهم } : بأنَّ لهم { جناتٍ } : حدائق ذات الشِّجر { تجري من تحتها } من تحت أشجارها ومساكنها { الأنهار } { كلما رزقوا } : أُطعموا من تلك الجنَّات ثمرةً { قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } لتشابه منا يُؤتون به ، وأرادوا : هذا من نوع ما رُزقنا من قبل { وأتوا به متشابهاً } في اللَّون والصُّورة ، مختلفاً في الطَّعم ، وذلك أبلغ في باب الإِعجاب { ولهم فيها أزواجٌ } : من الحور العين والآدميات { مطهرةٌ } عن كلِّ أذىً وقذرٍ ممَّا في نساء الدُّنيا ، ومن مساوىء الأخلاق ، وآفات الشَّيب والهرم { وهم فيها خالدون } لأنَّ تمام النِّعمة بالخلود .