Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 216-219)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كتب عليكم القتال } فُرض وأوجب عليكم الجهاد { وهو كرهٌ لكم } أَيْ : مشقَّةٌ عليكم لما يدخل منه على النَّفس والمال { وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم } لأنَّ في الغزو إحدى الحسنيين ؛ إمَّا الظفر والغنيمة ؛ وإمَّا الشَّهادة والجنَّة { وعسى أن تحبُّوا شيئاً } أَيْ : القعود عن الغزو { وهو شرٌّ لكم } لما فيه من الذُّل والفقر ، وحرمان الغنيمة والأجر { والله يعلم } ما فيه مصالحكم ، فبادروا إلى ما يأمركم به وإنْ شقَّ عليكم . { يسألونك عن الشهر الحرام } نزلت في سريةٍ بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلوا المشركين وقد أهلَّ هلال رجب وهم لا يعلمون ذلك ، فاستعظم المشركون سفك الدِّماء في رجب ، فأنزل الله تعالى : { يسألونك } يعني : المشركين . وقيل : هم المسلمون { عن الشهر الحرام قتالٍ فيه } أَيْ : وعن قتالٍ فيه { قل قتالٌ فيه كبير } ثمَّ ابتدأ فقال : { وصد } ومنعٌ { عن سبيل الله } أَيْ : طاعته . يعني : صدَّ المشركين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت الحرام عام الحديبية { وكفر به } بالله { والمسجد الحرام } أَيْ : وصدٌّ عن المسجد الحرام { وإخراج أهله } أَيْ : أهل المسجد . يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين أُخرجوا من مكَّة { منه أكبرُ } وأعظم وِزْراً { عند الله والفتنة } أَيْ : والشِّرك { أكبر من القتل } يعني : قتل السِّرية المشركين في رجب { ولا يزالون } يعني : المشركين { يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم } إلى الكفر { إن استطاعوا ومن يَرْتَدِدْ منكم عن دينه } الإِسلام ، أَيْ : يرجع فيموت على الكفر { فأولئك حبطت أعمالهم … } الآية . [ بطلت أعمالهم ] . فقال هؤلاء السَّرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أصبنا القوم في رجب ، أنرجو أن يكون لنا أجر المجاهدين في سبيل الله ؟ فأنزل الله تعالى : { إنَّ الذين آمنوا والذين هاجروا } فارقوا عشائرهم وأوطانهم { وجاهدوا } المشركين { في سبيل الله } في نصرة دين الله { أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم } غفر لهؤلاء السِّرية ما لم يعلموا ورحمهم ، والإِجماعُ اليوم منعقدٌ على أنَّ قتال المشركين يجوز في جميع الأشهر حلالها وحرامها . { يسألونك عن الخمر والميسر } نزلت في عُمَر ، ومعاذٍ ، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم ، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أفتنا في الخمر والميسر ؛ فإنَّهما مَذْهَبةٌ للعقل ، مَسْلَبةٌ للمال ، فنزلت قوله عزَّ وجلَّ { يسألونك عن الخمر } وهو كلُّ مسكرٍ مخالطٍ للعقل مُغطٍّ عليه { والميسر } : القمار { قل فيهما إثم كبير } يعني : الإِثم بسببهما لما فيهما من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش والزُّور وغير ذلك { ومنافع للناس } ما كانوا يصيبونه من المال في بيع الخمر والتِّجارة فيها ، واللَّذَّة عند شربها ، ومنفعةُ الميسر ما يُصاب من القمار ، ويرتفق به الفقراء ، ثمَّ بيَّن أنَّ ما يحصل بسببهما من الإِثم أكبر من نفعهما ، فقال { وإثمهما أكبر من نفعهما } ، وليست هذه الآيةُ المُحرِّمةَ للخمر والميسر ، إنَّما المُحرِّمةُ التي في سورة المائدة ، وهذه الآية نزلت قبل تحريمها . { ويسألونك ماذا ينفقون } نزلت في سؤال عمرو بن الجموح لمَّا نزل قوله : { فللوالدين والأقربين } في سؤاله أعاد السّؤال ، وسأل عن مقدار ما ينفق ؟ فنزل قوله : { قل العفو } أَيْ : ما فضل من المال عن العيال ، وكان الرَّجل بعد نزول هذه الآية يأخذ من كسبه ما يكفيه ، وينفق باقيه إلى أن فُرضت الزَّكاة ، فنسخت آية الزَّكاة التي في براءة هذه الآية وكلَّ صدقةٍ أُمروا بها قبل الزَّكاة { كذلك } أَيْ : كبيانه في الخمر والميسر ، أو في الإِنفاق { يبين الله لكم الآيات } لتتفكَّروا في أمر الدُّنيا والآخرة ، فتعرفوا فضل الآخرة على الدُّنيا .