Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 74-79)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثم قست قلوبكم } يا معشر اليهود ، أَي : اشتدَّت وصلبت { من بعد ذلك } من بعد هذه الآيات التي تقدَّمت من المسخ ورفع الجبل فوقهم ، وانبجاس الماء من الحجرِ ، وإحياء الميت بضرب عضوٍ ، وهذه الآيات ممَّا يصدِّقون بها { فهي كالحجارة } في القسوة وعدم المنفعة ؛ بل { أشد قسوة } وإنَّما عنى بهذه القسوة تركهم الإِيمان بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بعد ما عرفوا صدقه ، وقدرةَ الله تعالى على عقابهم بتكذيبهم إيَّاه ، ثمَّ عذر الحجارة وفضَّلها على قلوبهم فقال : { وإنَّ من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإنَّ منها لما يشقَّق فيخرج منه الماء وإنَّ منها لما يهبط } ينزل من علوٍ إلى أسفلٍ { من خشية الله } . قال مجاهدٌ : كلُّ حجرٍ تفجَّر منه الماء ، أو تشقَّق عن ماء ] ، أو تردَّى من رأس جبلٍ فهو من خشية الله تعالى ، نزل به القرآن . ثمَّ أوعدهم فقال : { وما الله بغافلٍ عمَّا تعملون } ثمَّ خاطب النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، فقطع طمعهم عن إيمانهم ، فقال : { أفتطمعون أن يؤمنوا لكم } وحالهم أنَّ طائفةً منهم كانوا { يسمعون كلام الله } يعني التَّوراة { ثم يحرفونه } يُغيِّرونه عن وجهه . يعني : الذين غيَّروا أحكام التَّوراة ، وغيَّروا آية الرَّجم ، وصفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم { من بعد ما عقلوه } أَيْ : لم يفعلوا ذلك عن نسيانٍ وخطأٍ ، بل فعلوه عن تعمُّدٍ { وهم يعلمون } أنَّ ذلك مَكْسَبةٌ للأوزار . { وإذا لقوا الذين آمنوا } يعني : منافقي اليهود { قالوا آمنا } بمحمَّدٍ ، وهو نبيٌّ صادقٌ نجده في كتبنا { وإذا خلا بعضهم إلى بعض } يعني : إذا رجع هؤلاء المنافقون إلى رؤسائهم لاموهم فقالوا : { أتحدثونهم } أتخبرون أصحاب محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - { بما فتح الله عليكم } من صفة النَّبيِّ المُبشَّر به { ليحاجُّوكم } ليجادلوكم ويخاصموكم { به } بما قلتم لهم { عند ربكم } في الآخرة ، يقولون : كفرتم به بعد أن وقفتم على صدقة { أفلا تعقلون } أفليس لكم ذهن الإنسانيَّة ؟ فقال الله تعالى : { أولا يعلمون أنَّ الله يعلم ما يسرون } من التَّكذيب ، يعني : هؤلاء المنافقين { وما يعلنون } من التَّصديق . { ومنهم } ومن اليهود { أميُّون } لا يكتبون ولا يقرؤون { لا يعلمون الكتاب إلاَّ أمانيّ } إلاَّ أكاذيب وأحاديثَ مُفتعلةً يسمعونها من كبرائهم { وإن هم إلاَّ يظنون } أَيْ : إلاَّ ظانِّين ظنَّاً وتوهُّماً ، فيجحدون نُبُوَّتَكَ بالظَّنِّ . { فويلٌ } فشدَّةُ عذابٍ { للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } أَيْ : من قِبَلِ أنفسهم من غير أن يكون قد أُنزل { ثم يقولون هذا من عند الله } الآية . يعني اليهود ، عمدوا إلى صفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وكتبوا صفته على غير ما كانت في التَّوراة ، وأخذوا عليه الأموال فذلك قوله تعالى : { وويلٌ لهم ممَّا يكسبون } [ من حُطَام الدُّنيا ] فلمَّا أوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّار عند تكذيبهم إيَّاه .