Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 32-39)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأنكحوا الأيامى منكم } الذين لا أزواج لهم من الرِّجال والنِّساء { والصالحين من عبادكم } عبيدكم { وإمائكم } جواريكم { إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله } هذا وعدٌ من الله تعالى بالغنى على النِّكاح ، وإعلامٌ أنَّه سببٌ لنفي الفقر . { وليستعفف } وليعفَّ عن الحرام مَنْ لا يقدر على تزوُّج امرأةٍ ، بأن لا يملك المهر والنًّفقة { حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون } يطلبون { الكتاب } المكاتبة { مما ملكت أيمانكم } من عبيدكم ، وهو أن يطلب من مولاه أن يبيعه منه بمالٍ معلومٍ يُؤدِّيه إليه في مدَّةٍ معلومةٍ ، فإذا أدَّى ذلك عتق { فكاتبوهم } فأعطوهم ما يطلبون من الكتابة { إن علمتم فيهم خيراً } اكتساباً للمال ، يقدرون على أداء مال الكتابة { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } يعني : حطُّوا عنهم من المال الذي كاتبتموهم عليه ، ويستحبُّ ذلك للسيِّد ، وهو أن يحطَّ عنه ربع المال . وقيل : المراد بهذا أن يُؤتوا سهمهم من الزَّكاة { ولا تكرهوا فتياتكم } إماءكم { على البغاء } الزِّنا . نزلت في عبد الله ابن أُبيِّ ، وكانت له جوارٍ يكرههنَّ على الزِّنا ، ويأخذ منهنَّ أجراً معلوماً { إن أردن تحصناً } قيل : إنَّ هذا راجعٌ إلى قوله : { وأنكحوا الأيامى منكم والصَّالحين من عبادكم وإمائكم } إن أردن تحصُّناً . وقيل : " إنْ " بمعنى : " إذ " ، والمعنى : لا تكرهوهنَّ على الزِّنا إذ أردن التًّعفُّف عنه { لتبتغوا عرض الحياة الدنيا } يعني : ما يؤخذ من أجورهنَّ { ومن يكرههنَّ } على الزِّنا { فإنَّ الله من بعد إكراههنَّ } لهنَّ { غفور رحيم } والوزر على المُكْرِه . { ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات } يعني : القرآن { ومثلاً } وخبراً وعبرةً { من الذين خَلَوا } مضوا { من قبلكم } يعني : ما ذُكر من قصص القرون الماضية . { الله نور السموات والأرض } أَيْ : بنوره وهداه يَهتدي من في السموات والأرض ، ثمَّ ضرب مثلاً لذلك النُّور الذي يقذفه في قلب المؤمن حتى يهتدي به فقال : { مثل نوره كمشكاة } وهي الكوَّة غير النَّافذة ، والمراد بها ها هنا الذي وسط القنديل كالكوَّة يُوضع فيها الذُّبالة ، وهو قوله : { فيها مصباح } يعني : السِّراج { المصباح في زجاجة } لأنَّ النُّور في الزُّجاج ، وضوء النَّار أبين منه في كلِّ شيءٍ . { الزجاجة كأنها كوكب } لبياضه وصفائه { دريّ } منسوبٌ إلى أنَّه كالدُّرِّ { تُوقدُ } أي : الزُّجاجة ، والمعنى للمصباح ، ولكنه حذف المضاف ، مَنْ قرأ بالياء أراد : يُوقد المصباح { من شجرة } أَيْ : من زيت شجرةٍ { مباركة زيتونة لا شرقية } ليست ممَّا يطلع عليها الشَّمس في وقت شروقها فقط { ولا غربية } أو عند الغروب ، والمعنى : ليس يسترها عن الشَّمس في وقتٍ من النَّهار شيءٌ ، فهو أنضر لها ، وأجود لزيتها { يكاد زيتها يضيء } لصفائه دون السِّراج ، وهو قال عزَّ مِنْ قائلٍ : { يهدي الله لنوره مَنْ يشاء . … } الآية { في بيوت } أَي : المصباح يوقد في بيوتٍ ، يعني : المساجد { أذن الله أن ترفع } تبنى ، وقوله تعالى : { تتقلب فيه القلوب } بين الطَّمع في النَّجاة ، والحذر من الهلاك { والأبصار } تتقلَّب في أيِّ ناحيةٍ يُؤخذ بهم ، أذات اليمين أم ذات الشِّمال ؟ ومن أيِّ جهةٍ يُؤتون كُتبهم من جهة اليمين أم من جهة الشِّمال ؟ { ليجزيهم الله أحسن } بأحسن { ما عملوا ويزيدهم من فضله } ما لم يستحقُّوه بأعمالهم ، ثمَّ ضرب مثلاً لأعمال الكافرين ، فقال : { والذين كفروا أعمالهم كسراب } وهو ما يرى في الفلوات عند شدَّة الحرِّ ، كأنَّه ماءٌ { بقيعة } جمع قاعٍ ، وهو المنبسط من الأرض { يحسبه الظمآن } يظنُّه العطشان { ماءً حتى إذا جاءه } جاء موضعه { لم يجده شيئاً } كذلك الكافر يحسب أنَّ عمله مُغنٍ عنه أو نافعه شيئاً ، فإذا أتاه الموت واحتاج إلى عمله لم يجد علمه أغنى عنه شيئاً { ووجد الله عنده } ووجد الله بالمرصاد عند ذلك { فوفَّاه حسابه } تحمَّل جزاء عمله .