Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 18-30)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قد يعلم الله المعوقين منكم } الذين يُعوِّقون النَّاس عن نصرة محمَّد عليه السَّلام ، { والقائلين لإِخوانهم هلمَّ إلينا } يقولون لهم : خلُّوا محمداً صلى الله عليه وسلم فإنَّه مغرورٌ وتعالوا إلينا { ولا يأتون البأس إلاَّ قليلاً } لا يحضرون الحرب مع [ أصحاب ] النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاّ تعذيراً وتقصيراً ، [ يرى أنَّ له عذراً ولا عذر له ] ، يوهمونهم أنَّهم معهم . { أشحة عليكم } بخلاء عليكم بالخير والنَّفقة { فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم } في رؤوسهم من الخوف كدوران عين الذي { يُغشى عليه من الموت } قَرُبَ أن يموت فانقلبت عيناه { فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد } آذوكم بالكلام وجادلوكم في الغنيمة { أشحة } بخلاء { على الخير } الغنيمة . { يحسبون الأحزاب لم يذهبوا } لجبنهم وشدَّة خوفهم يظنون أنَّهم بعد انهزامهم لم ينصرفوا بعد { وإن يأت الأحزاب } يرجعوا كرَّةً ثانية { يودوا لو أنَّهم بادون في الأعراب } خارجون من المدينة إلى البادية في الأعراب { يسألون عن أنبائكم } أَيْ : يودوا لو أنَّهم غائبون عنكم يسمعون أخباركم بسؤالهم عنها من غير مشاهدة . قال الله تعالى : { ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلاَّ قليلاً } رياءً من غير حِسْبَةٍ ، ولمَّا وصف الله تعالى حال المنافقين في الحرب وصف حال المؤمنين فقال : { لقد كان لكم } أيُّها المؤمنون { في رسول الله أسوة حسنة } سنَّةٌ صالحةٌ ، واقتداءٌ حسنٌ حيث لم يخذلوه ولم يتولَّوا عنه ، كما فعل هو صلى الله عليه وسلم يوم أُحدٍ شُجَّ حاجبه ، وكُسرت رباعيته ، فوقف صلى الله عليه وسلم ولم ينهزم ، ثمَّ بيَّن لمَنْ كان هذا الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { لمن كان يرجواْ الله واليوم الآخر } أَيْ : يخافهما . { ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا } تصديقاً لوعد الله تعالى : { هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله } ووعدُ الله تعالى إيَّاهم في قوله : { أمْ حسبْتُم أن تدخلوا الجنَّة ولمَّا يأتكم مثَلُ الذين خلوا مِنْ قبلِكم مسًّتهم البأساءُ والضَّراء وزُلزلوا حتَّى يقولَ الرَّسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إِنَّ نصر الله قريبٌ } فعلموا بهذه الآية أنَّهم يُبتلون ، فلمَّا ابتلوا بالأحزاب علموا أنَّ الجنَّة والنَّصر قد وجبا لهم إن سلَّموا وصبروا ، وذلك قوله : { وما زادهم إلاَّ إيماناً } وتصديقاً بالله ورسوله { وتسليماً } لله أمره . { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله } كانوا صادقين في عهودهم بنصرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم { فمنهم من قضى نحبه } فرغٍ من نذره واستُشهد . يعني : الذين قُتلوا بأُحدٍ { ومنهم مَنْ ينتظر } أن يقتل شهيداً { وما بدلوا تبديلاً } عهدهم ، ثمَّ ذكر جزاء الفريقين فقال : { ليجزي الله الصادقين بصدقهم … } الآية . { وردَّ الله الذين كفروا } قريشاً والأحزاب { بغيظهم } على ما فيهم من الغيظ { ولم ينالوا خيراً } لم يظفروا بالمسلمين { وكفى الله المؤمنين القتال } بالرِّيح والملائكة . { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب } الذين عاونوا الأحزاب من قريظة { من صياصيهم } حصونهم ، وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حاصرهم ، واشتدَّ ذلك عليهم حتى نزلوا على حكمه ، وذلك قوله تعالى : { وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون } يعني : الرِّجال { وتأسرون فريقاً } يعني : النِّساء والذُّريَّة . وقوله : { وأرضاً لم تطؤوها } يعني : خيبر ، ولم يكونوا نالوها ، فوعدهم الله تعالى إيَّاها . { يا أيها النبيُّ قل لأزواجك … } الآية . نزلت حين سألت نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من عرض الدُّنيا ، وآذْينَهُ بزيادة النَّفقة ، فأنزل الله سبحانه هذه الآيات ، وأمره أن يُخيِّرهنَّ بين الإِقامة معه على طلب ما عند الله ، أو السِّراح إن أردْنَ الدُّنيا ، وهو قوله : { إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكنَّ } متعة الطَّلاق ، فقرأ عليهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات ، فاخترن الآخرة على الدُّنيا ، والجنَّة على الزِّينة ، فرفع الله سبحانه درجتهنَّ على سائر النِّساء بقوله : { يا نساء النبيّ مَنْ يأت منكنَّ بفاحشة مبيِّنة } بمعصيةٍ ظاهرةٍ { يضاعف لها العذاب ضعفين } ضعفي عذاب غيرها من النِّساء .