Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 4-14)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } هذا تكذيبٌ لبعض مَنْ قال من الكافرين : إنَّ لي قلبين أفهم بكلِّ واحدٍ منهما أكثر ممَّا يفهم محمد ، فأكذبه الله تعالى . قيل : إنَّه ابن خطل { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتهم } لم يجعل نساءكم اللائي تقولون : هنَّ علينا كظهور أمهاتنا في الحرام كما تقولون ، وكان هذا من طلاق الجاهليَّة ، فجعل الله في ذلك كفَّارة { وما جعل أدعياءكم } مَنْ تبنَّيتموه { أبناءكم } في الحقيقة كما تقولون { ذلكم قولكم بأفواهكم } قولٌ بالفم لا حقيقة له { والله يقول الحق } وهو أنَّ غير الابن لا يكون ابناً { وهو يهدي السبيل } أَيْ : السَّبيل المستقيم . { ادعوهم لآبائهم } أَيْ : انسبوهم إلى الذين ولدوهم { هو أقسط عند الله } أعدل عند الله { فإن لم تعلموا آباءهم } مَنْ هم { فإخوانكم في الدين } أي فهم إخوانكم في الدِّين { ومواليكم } وبنو عمّكم . وقيل : أولياؤكم في الدِّين { وليس عليكم جُنَاحٌ فيما أخطأتم به } وهو ن يقول لغير ابنه : يا بنيَّ من غير تَعَمُّدٍ أن يجريه مجرى الولد في الميراث ، وهو قوله : { ولكن ما تعمَّدت قلوبكم } يعني : ولكنَّ الجُناح في الذي تعمَّدت قلوبكم . { النبيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم } إذا دعاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى شيءٍ ، ودعتهم أنفسهم إلى شيءٍ كانت طاعة النبيِّ صلى الله عليه وسلم أولى . { وأزواجه أمهاتهم } في حرمة نكاحهنَّ عليهم { وأولوا الأرحام } والأقارب { بعضهم أولى ببعض } في الميراث { في كتاب الله } في حكمه { من المؤمنين والمهاجرين } وذلك أنَّهم كانوا في ابتداء الإِسلام يرثون بالإِيمان والهجرة { إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً } لكن إن يوصوا له بشيءٍ من الثُّلث فهو جائزٌ { كان ذلك في الكتاب مسطوراً } كان هذا الحكم في اللَّوح المحفوظ مكتوباً . { وإذا أخذنا } واذكر إذ أخذنا { من النبيّين ميثاقهم } على الوفاء بما حملوا ، وأن يُصدِّق بعضهم بعضاً . { ليسأل الصادقين عن صدقهم } المُبلِّغين من الرُّسل عن تبليغهم ، وفي تلك المسألة تبكيتٌ للكفَّار { وأعدَّ للكافرين } بالرُّسل { عذاباً أليماً } . { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود } يعني : الأحزاب ، وهم قريش وغطفان وقُريظة والنَّضير ، حاصروا المسلمين أيَّام الخندق { فأرسلنا عليهم ريحاً } [ وهي الصَّبا ] كفأت قدورهم ، وقلعت فساطيطهم { وجنوداً لم تروها } وهم الملائكة { وكان الله بما تعملون } من حفر الخندق { بصيراً } . { إذ جاؤوكم من فوقكم } من قبل المشرق ، يعني : قُريظة والنَّضير ، { ومن أسفل منكم } قريشٌ من ناحية مكَّة { وإذ زاغت الأبصار } مالت وشخصت ، وتحيَّرت لشدَّة الأمر وصعوبته عليكم { وبلغت القلوب الخناجر } ارتفعت إلى الحلوق لشدَّة الخوف { وتظنون بالله الظنونا } ظنَّ المنافقون أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه يُستأصلون ، وأيقن المؤمنون بنصر اللَّهِ . { هنالك } في تلك الحال { ابتلي المؤمنون } اختبروا ليتبيَّن المخلص من المنافق { وزلزلوا } وحرِّكوا وخُوِّفوا . { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض } شكٌّ ونفاقٌ : { ما وعدنا الله ورسوله إلاَّ غرورا } إذْ وعدنا أنَّ فارس والرُّوم يُفتحان علينا . { وإذ قالت طائفة منهم } من المنافقين : { يا أهل يثرب } يعني : المدينة { لا مقام لكم } لا مكان لكم تُقيمون فيه { فارجعوا } إلى منازلكم بالمدينة ، أمروهم بترك رسول الله صلى الله عليه وسلم وخذلانه ، وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان قد خرج من المدينة إلى سلع لقتال القوم { ويستأذن فريقٌ منهم } من المنافقين { النبيَّ } في الرُّجوع إلى منازلهم { يقولون إنَّ بيوتنا عورة } ليست بحصينةٍ ، نخاف عليها العدوِّ ، قال الله تعالى : { وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً } من القتال . { ولو دخلت عليهم } لو دخل عليهم هؤلاء الذين يريدون قتالهم المدينة { من أقطارها } جوانبها { ثمَّ سئلوا الفتنة } سألتهم الشِّرك بالله { لأتوها } لأعطوا مرادهم { وما تلبثوا بها إلاَّ يسيراً } وما احتبسوا عن الشِّرك إلا يسيراً ، أَيْ : لأسرعوا الإجابة إليه .