Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 120-127)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه } لا يرضوا لأنفسهم بالخفض والدَّعَة ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الحرِّ والمشقَّة { ذلك } أَيْ : ذلك النَّهي عن التَّخلُّف { بأنهم لا يصيبهم ظمأ } وهو شدَّة العطش { ولا نصب } إعياء من التَّعب { ولا مخمصة } مجاعةٌ { ولا يطؤون موطئاً } ولا يقفون موقفاً { يغيظ الكفار } يُغضبهم { ولا ينالون من عدو نيلاً } أسراً وقتلاً إلاَّ كان ذلك قُربةً لهم عند الله . { ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة } تمرةً فما فوقها { ولا يقطعون وداياً } يُجاوزونه في سيرهم { إلاَّ كتب لهم } آثارهم وخُطاهم { ليجزيهم الله أحسن } بأحسن { ما كانوا يعملون } فلمَّا عِيبَ مَنْ تخلَّف عن غزوة تبوك قال المسلمون : والله لا نتخلَّف عن غزوةٍ بعد هذا ، ولا عن سرية أبداً ، فلمَّا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسَّرايا إلى العدُّو ، نفر المسلمون جميعاً إلى الغزو ، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده بالمدينة ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } ليخرجوا جميعاً إلى الغزو { فلولا نفر من كلِّ فرقة منهم طائفة } فهلاَّ خرج إلى الغزو من كل قبيلةٍ جماعةٌ { ليتفقهوا في الدين } ليتعلَّموا القرآن والسُّنن والحدود . يعني : الفرقة القاعدين { ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم } وليعلِّموهم ما نزل من القرآن ويخوّفوهم به { لعلهم يحذرون } فلا يعملون بخلاف القرآن . { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم } يقربون منكم . أُمروا بقتال الأدنى فالأدنى من عدوِّهم من المدينة { وليجدوا فيكم غلظة } شدَّةً وعُنفاً . { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم } من المنافقين { مَنْ يقول أيكم زادته هذه إيماناً } يقوله المنافقون بعضهم لبعض هزؤاً ، فقال الله تعالى : { فأمَّا الذين آمنوا فزادتهم إيماناً } تصديقاً ، لأنَّهم صدَّقوا بالأولى والثَّانية { وهم يستبشرون } يفرحون بنزول السُّورة . { وأما الذين في قلوبهم مرض } شكٌّ ونفاقٌ { فزادتهم رجساً إلى رجسهم } كفراً إلى كفرهم ؛ لأنَّهم كلَّما كفروا بسورةٍ ازداد كفرهم . { أَوَلاَ يرون أنهم يفتنون في كلِّ عام مرَّة أو مرتين } يُمتحنون بالأمراض والأوجاع ، وهنَّ روائد الموت { ثمَّ لا يتوبون } من النِّفاق ، ولا يتَّعظون كما يتَّعظ المؤمن بالمرض . { وإذا ما أنزلت سورة } كان إذا نزلت سورةٌ فيها عيبُ المنافقين ، وتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شقَّ ذلك عليهم ، و { نظر بعضهم إلى بعض } يريدون الهرب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال بعضهم لبعض : { هل يراكم من أحد } إنْ قمتم ، فإن لم يرهم أحدٌ خرجوا من المسجد ، وإنْ علموا أنَّ أحداً يراهم ثبتوا مكانهم حتى يفرغ من خطبته { ثم انصرفوا } على عزم الكفر والتَّكذيب { صرف الله قلوبهم } عن كلِّ رشدٍ وهدى { بأنهم قومٌ لا يفقهون } جزاءً على فعلهم ، وهو أنَّهم لا يفقهون عن الله دينه وما دعاهم الله إليه .