Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 38-43)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أيها الذين آمنوا ما لكم } نزلت في حثِّ المؤمنين على غزوة تبوك ، وذلك أنَّهم دُعوا إليها في زمان عسرةٍ من النَّاس ، وجدبٍ من البلاد ، وشدةٍ من الحرِّ ، فشقَّ عليهم الخروج ، فأنزل الله تعالى : { ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله } أخرجوا في الجهاد لحرب العدوِّ { اثاقلتم إلى الأرض } أَحْبَبْتُمْ المقام { أرضيتم بالحياة الدنيا } بدلاً { من الآخرة } يعني : الجنَّة { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة } يريد : الدُّنيا كلَّها { إلاَّ قليل } عند شيءٍ من الجنَّة . { إلاَّ تنفروا } تخرجوا مع نبيِّكم إلى الجهاد { يعذبكم عذاباً أليماً } بالقحط وحبس المطر { ويستبدل قوماً غيركم } يأت بقومٍ آخرين ينصرُ بهم رسوله { ولا تضرّوه شيئاً } لأنَّ الله عصمه عن النَّاس ، ولا يخذله أَنْ تثاقلتم ، كما لم يضرَّه قلَّة ناصريه حين كان بمكَّة وهم به الكفَّار ، فتولَّى الله نصره ، وهو قوله : { إلاَّ تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا } أَيْ : اضطروه إلى الخروج لمَّا همُّوا بقتله ، فكانوا سبباً لخروجه من مكَّة هارباً منهم ، { ثاني اثنين } أَيْ : واحد اثنين هو صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه ، والمعنى : نصره الله منفرداً إلاَّ من أبي بكر : { إذْ هما في الغار } هو غارٌ في جبل مكة يقال له : ثور { إذْ يقول لصاحبه } أبي بكر : { لا تحزن } وذلك أنَّه خاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم الطَّلب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تحزن إنَّ الله معنا } يمنعهم منَّا ، وينصرنا { فأنزل الله سكينته } ألقى في قلب أبي بكر ما سكن به ، { وأيده } أَيْ : رسوله { بجنود لم تروها } قوَّاه وأعانه بالملائكة يوم بدر . أخبر أنَّه صرف عنه كيد أعدائه ، ثمَّ أظهره : نصره بالملائكة يوم بدر { وجعل كلمة الذين كفروا } وهي كلمة الشِّرك { السفلى وكلمة الله هي العليا } [ يعني : كلمة التَّوحيد ] لأنَّها علت وظهرت ، وكان هذا يوم بدر . { انفروا خفافاً وثقالاً } شباباً وشيوخاً { وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذٰلكم خير لكم } من التَّثاقل إلى الأرض { إن كنتم تعلمون } ما لكم من الثَّواب والجزاء ، ثمَّ نزل في المنافقين الذين تخلَّفوا عن هذه الغزوة : { ولو كان عرضاً قريباً } أَيْ : لو كان ما دُعوا إليه غنيمةً قريبةً { وسفراً قاصداً } قريباً هيِّناً { لاتبعوك } طمعاً في الغنيمة { ولكن بعدت عليهم الشقة } المسافة { وسيحلفون بالله } عندك إذا رجعت إليهم { لو استطعنا لخرجنا معكم } لو قدرنا وكان لنا سعةٌ من المال { يهلكون أنفسهم } بالكذب والنِّفاق { والله يعلم إنهم لكاذبون } لأنَّهم كانوا يستطيعون الخروج . { عفا الله عنك لم أذنت لهم } كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لطائفةٍ في التَّخلُّف عنه ، من غير مؤامرةٍ ، ولم يكن له أن يمضي شيئاً إلاَّ بوحي ، فعاتبه الله سبحانه ، وقال : لم أَذنت لهم في التَّخلُّف { حتى يتبيَّن لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين } حتى تعرف مَنْ له العذر منهم ، ومَنْ لا عذر له ، فيكون إذنك لمَنْ له العذر .