Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 35-37)
Tafsir: al-Muntaḫab fī tafsīr al-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
35 - الله مصدر النور فى السموات والأرض ، فهو منورهما بكل نور حسى نراه ونسير فيه ، وبكل نور معنوى ، كنور الحق والعدل ، والعلم والفضيلة ، والهدى والإيمان ، وبالشواهد والآثار التى أودعها مخلوقاته ، وبكل ما يدل على وجود الله ويدعو إلى الإيمان به سبحانه ، وَمَثلُ نوره العظيم وأدلته الباهرة فى الوضوح ، كمثل نور مصباح شديد التوهج ، وضع فى فجوة من حائط تساعد على تجميع نوره ووفرة إضاءته ، وقد وضع المصباح فى قارورة صافية لامعة لمعان كوكب مشرق ، يتلألأ كالدر ويستمد المصباح وقوده من زيت شجرة كثيرة البركات ، طيبة التربة والموقع ، هى شجرة الزيتون المغروسة فى مكان معتدل متوسط ، فلا هى شرقية فتحرم حرارة الشمس آخر النهار ، ولا هى غربية فتحرمها أول النهار ، بل هى على قمة الجبل ، أو فى فضاء الأرض تفيد من الشمس فى جميع أجزاء النهار ، يكاد زيت هذه الشجرة لشدة صفائه يضئ ، ولو لم تمسسه نار المصباح ، فهذه العوامل كلها تزيد المصباح إضاءة فوق إضاءة ، ونوراً على نور . وهكذا تكون الشواهد المنبثة فى الكون حسيها ومعنويها آيات واضحة لا تدع مجالا للشك فى وجود الله ، وفى وجوب الإيمان به وبرسالاته وما جاءت به . والله يوفق من يشاء إلى الإيمان عن طريقها ، إذا حاول الانتفاع بنور عقله . وقد أتى الله بالأمثلة المحسوسة ليسهل إدراك الأمور المعقولة ، وهو سبحانه واسع العلم ، يعلم من نظر فى آياته ، ومن أعرض واستكبر ، ومجازيهم على ذلك . 36 - إن هناك قوماً يُسبحون الله ويعبدونه فى المساجد التى أمر الله أن تبنى وتعظم وتُعمر بذكر الله ، وهم يترددون عليها صباحا ومساء . 37 - لا تشغلهم الدنيا بما فيها من بيع وشراء عن تذكر الله ومراقبته ، فهم يقيمون الصلاة ويؤدون الزكاة خائفين من يوم القيامة الذى لا تستقر فيه القلوب من القلق والهم ، وترقب المصير فيه وتلتفت فيه الأنظار فى حيرة ودهشة من غرابة المنظر وشدة الهول .