Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-5)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : آلر : هذا أحد الحروف المقطعة : يكتب آلر ويقرأ ألف ، لام ، را . أحكمت : أي نظمت نظماً متقناً ورصفت ترصيفاً لا خلل فيه . فصلت : أي ببيان الأحكام ، والقصص والمواعظ ، وأنواع الهدايات . من لدن : أي من عند حكيم خبير وهو الله جل جلاله . متاعاً حسناً : أي بطيب العيش وسعة الرزق . إلى أجل مسمى : أي موت الإِنسان بأجله الذي كتب له . ويؤت كل ذي فضل : أي ويعط كل ذي عمل صالح فاضل جزاءه الفاضل . عذاب يوم كبير : هو عذاب يوم القيامة . يثنون صدورهم : أي يطأطئون رؤوسهم فوق صدورهم ليستتروا عن الله في زعمهم . يستغشون ثيابهم : يغطون رؤوسهم ووجوههم حتى لا يراهم الله في نظرهم الباطل . معنى الآيات : قوله تعالى { الۤر } هذا الحرف مما هو متشابه ويحسن تفويض معناه إلى الله فيقال : الله أعلم بمراده بذلك . إن أفاد فائدتين الأولى : أن القرآن الكريم الذي تحداهم الله بالإِتيان بمثله أو بسورة من مثله قد تألف من مثل هذه الحروف : الۤـمۤ ، الۤر ، طه ، طسۤ حـمۤ ، قۤ ، نۤ ، فألفوا مثله فإن عجزتم فاعلموا أنه كتاب الله ووحيه وأن محمداً عبده ورسوله فآمنوا به ، والثانية أنهم لما كانوا لا يريدون سماع القرآن بل أمروا باللغو عند قراءته ، ومنوا الاستعلان به جاءت هذه الحروف على خلاف ما ألفوه في لغتهم واعتادوه في لهجاتهم العربية فاضطرتهم إلى سماعه فإذا سمعوا تأثروا به وآمنوا ولنعم الفائدة أفادتها هذه الحروف المقطعة . وقوله تعالى { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } أي المؤلف من هذه الحروف كتاب عظيم أحكمت آياته أي رصفت ترصيفاً ونظمت تنظيماً متقناً لا خلل فيها ولا في تركيبها ولا معانيها ، وقوله : { ثُمَّ فُصِّلَتْ } أي بين ما تحمله من أحكام وشرائع ، ومواعظ وعقائد وآداب وأخلاق بما لا نظير له في أي كتاب سبق ، وقوله : { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } أي تولى تفصيلها حكيم خبير ، حكيم في تدبيره وتصرفه ، حكيم في شرعه وتربيته وحكمه وقضائه ، خبير بأحوال عباده وشؤون خلقه ، فلا يكون كتابه ولا أحكامه ولا تفصيله إلا المثل الأعلى في كل ذلك . وقوله : { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } أي أنزل الكتاب وأحكم أيَهُ وفصَّل أحكامه وأنواع هدايته بأن لا تعبدوا إلا الله إذ لا معبود حق إلا هو ولا عبادة تنفع إلا عبادته . وقوله { إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } هذا قول رسوله المبلغ عنه يقول أيها الناس إني لكم منه أي من ربكم الحكيم العليم نذير بين يدي عذاب شديد إن لم تتوبوا فتؤمنوا وتوحدوا . وبشير أي أبشر من آمن ووحد وعمل صالحاً بالجنة في الآخرة { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي وبأن تستغفروا ربكم باعترافكم بخطأكم بعبادة غيره ، ثم تتوبوا إليه أي ترجعوا إليه بالإِيمان به وبرسوله ووعده ووعيده وطاعته في أمره ونهيه ، ولكم جزاء على ذلك وهو أن يمتعكم في هذه الحياة متاعاً حسناً بالنعم الوفيرة والخيرات الكثيرة إلى نهاية آجالكم المسماة لكل واحد منكم . وقوله { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } أي ويعط سبحانه وتعالى كل صاحب فضل في الدنيا من بر وصدقة وإحسان فضله تعالى يوم القيامة في دار الكرامة الجنة دار الأبرار . وقوله : { وَإِن تَوَلَّوْاْ } أي تعرضوا عن هذه الدعوة فتبقوا على شرككم وكفركم { فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } وهو عذاب يوم القيامة . وقوله تعالى : { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ } يخبرهم تعالى بعد أن أنذرهم عذاب يوم القيامة بأن مرجعهم إليه تعالى لا محالة فسوف يحييهم بعد موتهم ويجمعهم عنده ويجزيهم بعدله ورحمته { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ومن ذلك إحياؤهم بعد موتهم ومجازاتهم السيئة بمثلها والحسنة بعشر أمثالها وهذا هو العدل والرحمة اللذان لا نظير لهما . وقوله تعالى : { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } هذا النوع من السلوك الشائن الغبي كان بعضهم يثني صدره أي يطأطىء رأسه ويميله على صدره حتى لا يراه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعضهم يفعل ذلك ظناً منه أنه يخفي نفسه عن الله تعالى وهذا نهاية الجهل ، وبعضهم يفعل ذلك بغضاً للرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا يراه فرد تعالى هذا بقوله : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } أي يتغطون بها { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } فلا معنى لاستغشاء الثياب استتاراً بها عن الله تعالى فإن الله يعلم سرهم وجهرهم ويعلم ما تخفي صدورهم وإن كانوا يفعلون ذلك بغضاً للنبي صلى الله عليه وسلم ، فبئس ما صنعوا وسيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - مظهر من مظاهر إعجاز القرآن وهو أنه مؤلف من الحروف المقطعة ولم تستطع العرب الإِتيان بسورة مثله . 2 - بيان العلة في إنزال الكتاب وأحكام آيِهِ وتفصيلها وهي أن يعبد الله تعالى وحده وأن يستغفره المشركون ثم يتوبون إليه ليكملوا ويسعدوا في الدنيا والآخرة . 3 - وجوب التخلي عن الشرك أولا ، ثم العبادة الخالصة ثانياً . 4 - المعروف لا يضيع عند الله تعالى إذا كان صاحبه من أهل التوحيد { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } . 5 - بيان جهل المشركين الذين كانوا يستترون عن الله برؤوسهم وثيابهم . 6 - مرجع الناس إلى ربهم شاءوا أم أبوا والجزاء عادل ولا يهلك على الله إلا هالك .