Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 94-100)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : ولما فصلت العير : أي خرجت من عريش مصر متوجهة إلى أرض فلسطين . إني لأجد ريح يوسف : أشتمها لأن الريح حملتها إليه بأمر الله تعالى . لولا أن تفندّون : أي تسفّهون ، لصدقتموني فإني وجدت ريح يوسف . إنك لفي ضلالك القديم : أي خطإك بإفراطك في حب يوسف . فلما أن جاء البشير : هو يهودَا الذي حمل إليه القميص الملطخ بالدم الكذب . فارتد بصيراً : أي رجع بصيراً . سوف استغفر لكم ربي : أجَّلَ الاستغفار لهم إلى آخر الليل أو إلى ليلة الجمعة . على العرش : أي السرير . وخروا له سجداً : أي سجدو له تحية وتعظيماً . من البدو : أي البادية ، بادية الشام . من بعد أن نزغ : أي أفسد . لطيف لما يشاء : أي لطيف في تدبيره لمن يشاء من عباده كما لطف بيوسف . معنى الآيات : هذه أواخر قصة يوسف عليه السلام ، إنه بعد أن بعث بقميصه إلى والده وحمله أخوه يهودا ضمن القافلة المتجهة إلى أرض كنعان ، ولما فصلت العير من عريش مصر حملت ريح الصبا ريح يوسف إلى أبيه قال : { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } أي تسفهون لصدقتموني فإني أجدها فقال الحاضرون مجلسه من أفراد الأسرة والذين لم يعلموا بخبر يوسف بمصر قالوا له : { إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ } أي من خطإك بإفراطك في حب يوسف . وواصلت العير سيرها وبعد أيام وصلت وجاء يهودا يحمل القميص فألقاه على وجه يعقوب فارتد بصيراً كما أخبر يوسف إخوته بمصر . وهنا واجه أبناءه بالخطاب الذي أخبر تعالى به في قوله : { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي أعلم من لطف الله وحسن تدبيره ورحمته وإفضاله ما لا تعلمون . وهنا طلبوا من والدهم أن يعفو عنهم ويستغفر لهم ربهم فقالوا ما أخبر تعالى به : { قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } . أجَّلَ لهم طلب المغفرة إلى ساعة الاستجابة كآخر الليل وقت السحر أو يوم الجمعة . وتنفيذاً لأمر يوسف إخوته بأن يأتوه بأهلهم أجمعين تحملت الأسرة بسائر أفرادها مهاجرين إلى مصر . وكان يوسف وملك مصر وألوف من رجال الدولة وأعيان البلاد في استقبالهم ، وكان يوسف قد ضربت له خيمة أو فسطاط ، ووصلت المهاجرة إلى مشارف الديار المصرية وكان يوسف في فسطاطه { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } أي ضمّهما إلى موكبه { وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } ولما انتهوا إلى القصر ودخلوا { وَرَفَعَ } يوسف { أَبَوَيْهِ } أمه وأباه { عَلَى ٱلْعَرْشِ } سرير الملك { وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً } تحية وتشريفاً . وهنا قال يوسف { يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً } إذ رأى في صباه أن أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رآهم له ساجدين . وقوله { وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ } هذا ثناء على الله بنعمه وتذكير للحاضرين بالحادثة والطاف الله تعالى فيها . ومن كرم نفس يوسف وسمو آدابه لم يقل قد أحسن بي إذ أخرجني من الجب فيذكرهم بما يؤلمهم بل قال من السجن . ويعني بقوله وجاء بكم من البدو أي من أرض كنعان . ونسب الإساءة التي كانت من إخوته إلى الشيطان تلطيفاً للجو ومبالغة في إذهاب الهم من نفس إخوته ، وختم حديث النعمة في أعظم فرحة { إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ } أي بخلقه { ٱلْحَكِيمُ } في تدبيره وصنعه . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - آية عظيمة هي حمل الريح ريح يوسف على مسافات بعيدة . 2 - آية أخرى هي ارتداد بصر يعقوب بعد العمى بمجرد أن أُلِقيَ القميص على وجهه . 3 - كرم يعقوب وحسن عفوه وصفحه على أولاده إذ استغفر لهم ربهم فغفر لهم . 4 - مشروعية الخروج خارج المدينة لاستقبال أهل الكمال والفضل كالحجاج مثلا . 5 - صدق رؤيا يوسف عليه السلام إذ تمت حرفياً فجلس يوسف على عرشه وخر له أبواه وإخوته ساجدين . 6 - قد يتأخر تأويل الرؤيا عشرات السنين إذ تأخرت رؤيا يوسف أربعين سنة . 7 - تجليات الألطاف الإِلهية والرحمات الربانية في هذه القصة في مظاهر عجيبة .