Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 47-52)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : إن الله عزيز : أي غالب لا يحال بينه وبين مراده بحال من الأحوال . ذو انتقام : أي صاحب انتقام ممن عصاه وعصى رسوله . يوم تبدل الأرض : أي اذكر يا رسولنا للظالمين يوم تبدل الأرض . وبرزوا لله : أي خرجوا من القبور لله ليحاسبهم ويجزيهم . مقرنين : أي مشدودة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم . في الأصفاد : الأصفاد جمع صفد وهو الوثاق من حبل وغيره . سرابيلهم : أي قمصهم التي يلبسونها من قطران . هذا بلاغ : أي هذا القرآن بلاغ للناس . أولوا الألباب : أصحاب العقول . معنى الآيات : ما زال السياق في تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهم يعانون من صلف المشركين وظلمهم وطغيانهم فيقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } إنه كما لم يخلف رسله الأولين لا يخلفك أنت ، إنه لا بد منجز لك ما وعدك من النصر على أعدائك فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم . { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } أي غالب لا يغلب على أمره ما يريده لا بد واقع { ذُو ٱنْتِقَامٍ } شديد ممن عصاه وتمرد على طاعته وحارب أولياءه ، واذكر { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ } كذلك { وَبَرَزُواْ } أي ظهروا بعد خروجهم من قبورهم في طريقهم إلى المحشر إجابة منهم لدعوة الداعي وقد برزوا { لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } ، { وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ } يا رسولنا تراهم { مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } مشدودة أيديهم وأرجلهم إلى أعناقهم ، هؤلاء هم المجرمون اليوم بالشرك والظلم والشر والفساد أجرموا على أنفسهم أولاً ثم على غيرهم ثانياً سواء ممن ظلموهم وآذوهم أو ممن دعوهم إلى الشرك وحملوهم عليه ، الجميع قد أجرمو في حقهم ، { سَرَابِيلُهُم } قمصانهم التي على أجسامهم { مِّن قَطِرَانٍ } وهو ما تدهن به الإبل : مادة سوداء محرقة للجسم أو من نحاس إذ قُرئ من قِطرٍآن أي من نحاس أُحمي عليه حتى بلغ المنتهى في الحرارة { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } أي وتغطي وجوههم النار بلهبها ، هؤلاء هم المجرمون في الدنيا بالشرك والمعاصي ، وهذا هو جزاؤهم يوم القيامة ، فعل تعالى هذا بهم { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } فما بين أن وجدوا في الدنيا وبين أن انتهوا إلى نار جهنم واستقروا في أتون جحيمها إلا كمن دخل مع باب وخرج مع آخر ، وأخيراً يقول تعالى : { هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } أي هذا القرآن بلاغ للناس من رب الناس قد بلغه إليهم رسول رب الناس { وَلِيُنذَرُواْ بِهِ } أي بما فيه من العظات والعبر والعرض لألوان العذاب وصنوف الشقاء لأهل الإِجرام والشر والفساد ، { وَلِيَعْلَمُوۤاْ } أي بما فيه من الحجج والدلائل والبراهين { أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } أي معبود واحد لا ثاني له وهو الله جل جلاله ، فلا يعبدوا معه غيره إذ هو وحده الرب والإله الحق ، وما عداه فباطل ، { وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } أي وليتعظ بهذا القرآن أصحاب العقول المدركة الواعية فيعملوا على إنجاء أنفسهم من غضب الله وعذابه ، وليفوزوا برحمته ورضوانه . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - بيان صدق وعد الله من وعدهم من رسله وأوليائه . 2 - بيان أحوال المجرمين في العرض وفي جهنم . 3 - بيان العلة في المعاد الآخر وهو الجزاء على الكسب في الدنيا . 4 - قوله تعالى في آخر آية من هذه السورة : { هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } هذه الآية صالحة لأن تكون عنواناً للقرآن الكريم إذ دلت على مضمونة كاملاً مع وجازة اللفظ وجمال العبارة ، والحمد لله أولاً وآخراً .