Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 110-113)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : هاجروا : أي إلى المدينة . من بعد ما فتنوا : أي فتنهم المشركون بمكة فعذبوهم حتى قالوا كلمة الكفر مكرهين . إن ربك من بعدها : أي من بعد الهجرة والجهاد والصبر على الإِيمان والجهاد . لغفورٌ رحيم : أي غفورٌ لهم رحيم بهم . يوم تأتي : أي اذكر يا محمد يوم تأتي كل نفسٍ تجادل عن نفسها . مثلاً قرية : هي مكة . رزقها رغداً : أي واسعاً . فكفرت بأنعم الله : أي بالرسول والقرآن والأمن ورغد العيش . فأذاقها الله لباس الجوع : أي بسبب قحطٍ أصابهم حتى أكلوا العهن لمدة سبع سنين . والخوف : حيث أصبحت سرايا الإِسلام تغزوهم وتقطع عنهم سبل تجارتهم . معنى الآيات : بعدما ذكر الله تعالى رخصة كلمة الكفر عند الإِكراه وبشرط عدم انشراح الصدر بالكفر ذكر مخبراً عن بعض المؤمنين ، تخلفوا عن الهجرة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أرادوا الهجرة منعتهم قريش وعذبتهم حتى قالوا كلمة الكفر ، ثم تمكنوا من الهجرة فهاجروا وجاهدوا وصبروا فأخبر الله تعالى عنهم بأنه لهم مغفرته ورحمته ، فلا يخافون ولا يحزنون فقال تعالى { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ } أيها الرسول { لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ } أي عُذِّبوا { ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي غفورٌ لهم رحيمٌ بهم . وقوله تعالى : { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا } أي اذكر ذلك واعظاً به المؤمنين أي تخاصم طالبةً النجاة لنفسها { وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } أي من خيرٍ أو شر { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } لأن الله عدلٌ لا يجوز في الحكم ولا يظلم ، وقوله تعالى : { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً } ، أي مكة { كَانَتْ آمِنَةً } من غارات الأعداء { مُّطْمَئِنَّةً } لا ينتابها فزعٌ ولا خوف ، لما جعل الله تعالى في قلوب العرب من تعظيم الحرم وسكانه ، { يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً } أي واسعاً { مِّن كُلِّ مَكَانٍ } حيث يأتيها من الشام واليمن في رحلتيهما في الصيف والشتاء { فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ } وهي تكذيبها برسول الله صلى الله عليه وسلم وإنكارها للتوحيد ، وإصرارها على الشرك وحرب الإسلام { فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ } فدعا عليهم الرسول اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف السبع الشداد ، فأصابهم القحط سبع سنوات فجاعوا حتى أكلوا الجِيفْ والعهن ، وأذاقها لباس الخوف إذ أصبحت سرايا الإِسلام تعترض طريق تجارتها بل تغزوها في عقر دارها ، وقوله تعالى { بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } أي جزاهم الله بالجوع والخوف بسبب صنيعهم الفاسد وهو اضطهاد المؤمنين بعد كفرهم وشركهم وإصرارهم على ذلك . وقوله تعالى : { وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ } هو محمد صلى الله عليه وسلم { فَكَذَّبُوهُ } أي جحدوا رسالته وأنكروا نبوته وحاربوا دعوته { فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ } عذاب الجوع والخوف والحال أنهم { ظَالِمُونَ } أي مشركون وظالمون لأنفسهم حيث عرضوها بكفرهم إلى عذاب الجوع والخوف . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - فضل الهجرة والجهاد والصبر ، وما تكفر هذه العبادات من الذنوب وما تمحو من خطايا . 2 - وجوب التذكير باليوم الآخر وما يتم فيه من ثواب وعقاب للتجافي عن الدنيا والإِقبال على الآخرة . 3 - استحسان ضرب الأمثال من أهل العلم . 4 - كفر النعم بسبب زوالها والانتقام من أهلها . 5 - تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم في ما جاء به ، ولو بالإِعراض عنه وعدم العمل به يجر البلاء والعذاب .