Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 125-128)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : إلى سبيل ربك : أي إلى طاعته إذ طاعة الله موصلة إلى رضوانه وإنعامه فهي سبيل الله . بالحكمة : أي بالقرآن والمقالة المحكمة الصحيحة ذات الدليل الموضح للحق . والموعظة الحسنة : هي مواعظ القرآن ، والقول الرقيق الحسن . وجادلهم بالتي هي أحسن : أي بالمجادلة التي هي أحسن من غيرها . لهو خيرٌ للصابرين : أي خيرٌ من الإِنتقام عاقبةٌ . ولا تك في ضيقٍ مما يمكرون : أي لا تهتم بمكرهم ، ولا يضيق صدرك به . مع الذين اتقوا : أي اتقوا الشرك والمعاصي . والذين هم محسنون : أي في طاعة الله ، ومعيته تعالى هي نصره وتأييده لهم في الدنيا . معنى الآيات : يخاطب الرب تعالى رسوله تشريفاً وتكليفاً : { ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ } أي إلى دينه وهو الإِسلام سائر الناس ، وليكن دعاؤك { بِٱلْحِكْمَةِ } التي هي القرآن الكريم الحكيم { وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ } وهي مواعظ القرآن وقصصه وأمثاله ، وترغيبه وترهيبه ، { وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي خاصمهم بالمخاصمة التي هي أحسن وهي الخالية من السب والشتم والتعريض بالسوء ، فإن ذلك أدعى لقبول الخصم الحق وما يدعي إليه ، وقوله تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ } من الناس { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } وسيجزيهم المهتدي بهداه ، والضال بضلاله ، كما هو أعلم بمن ضل واهتدى أزلاً . فهون على نفسك ولا تشطط في دعوتك فتضر بنفسك ، والأمر ليس إليك . بل لربك يهدي من يشاء ويضل من يشاء وما عليك إلا الدعوة بالوصف الذي وصف لك ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن ، وقوله تعالى { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } لا أكثر ، { وَلَئِن صَبَرْتُمْ } وتركتم المعاقبة { لَهُوَ } أي صبركم { خَيْرٌ } لكم من المعاقبة على الذنب والجناية ، وقوله تعالى : { وَٱصْبِرْ } على ترك ما عزمت عليه أيها الرسول من التمثيل بالمشركين جزاء تمثيلهم بعمك حمزه ، فأمره بالصبر ولازمه ترك المعاقبة والتمثيل معاً ، وقوله : { وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } أي إلا بتوفيقه وعونه ، فكن مع ربك تستمد منه الصبر كما تستمد منه العون والنصر ، وقوله تعالى : { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } أي على عدم اهتدائهم إلى الحق والأخذ به والسير في طريقه الذي هو الإسلام { وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ } نفسي يؤلمك { مِّمَّا يَمْكُرُونَ } بك فإن الله تعالى كافيك مكرهم وشرهم إنه معك فلا تخف ولا تحزن لأنه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، وأنت منهم . وقوله { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } يخبر تعالى رسوله والمؤمنين أنه عز وجل بنصره وتأييده ومعونته وتوفيقه مع الذين اتقوا الشرك والمعاصي فلم يتركوا فرائض دينه ، ولم يفشوا محارمه والذين هم محسنون في طاعة ربهم إخلاصاً في النية والقصد ، وأداء على نحو ما شرع الله وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - وجوب الدعوة إلى الله تعالى أي إلى الإِسلام وهو واجب كفائي ، إذا قامت به جماعة أجزأ ذلك عنهم . 2 - بيان أسلوب الدعوة وهو أن يكون بالكتاب والسنة وأن يكون خالياً من العنف والغلظة والشدة ، وأن تكون المجادلة بالتي هي أحسن من غيرها . 3 - جواز المعاقبة بالأخذ بقدر ما أخذ من المرء ، وتركها صبراً واحتساباً أفضل . 4 - معية الله تعالى ثابتة لأهل التقوى والإِحسان ، وهي معية نصرٍ وتأييد وتسديد .