Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 1-7)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : أتى أمر الله : أي دنا وقرب أمر الله بعذابكم أيها المشركون فلا تستعجلون . ينزل الملائكة بالروح : أي بالوحي الذي به حياة الأرواح والمراد من الملائكة جبريل . خلق الإنسان من نطفة : أي قطرة من المني . دفء ومنافع : أي ما تستدفئون به ، ومنافع من العسل واللبن واللحم والركوب . حين تريحون : أي حين تردونها من مراحها . وحين تسرحون : أي وحين إخراجها من مراحها إلى مسارحها أي الأماكن التي تسرح فيها . إلا بشق الأنفس : أي بجهد الأنفس ومشقة عظيمة . معنى الآيات : لقد استعجل المشركون بمكة العذاب وطالبوا به غير مرة فأنزل الله تعالى قوله : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي بعذابكم أيها المستعجلون له . لقد دنا منكم وقرب فالنضر بن الحارث القائل : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] جاءه بعد سُنيات قلائل فهلك ببدر صَبْراً ، إلى جهنم ، وعَذَابُ يوم القيامة لمن استعجله قد قرب وقته ولذا عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه وقرب مجيئه فلا معنى لاستعجاله فلذا قال الله تعالى : { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } وقوله { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزه وتقدس عما يشركون به من الآلهة الباطلة إذ لا إله حق إلا هو : وقوله { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ } أي بإرادته وإذنه { عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } . أي ينزل جبريل عليه السلام بالوحي على من يشاء من عباده وهو محمد صلى الله عليه وسلم وقوله { أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } أي بأن انذروا أي خوفوا المشركين عاقبة شركهم فإن شركهم باطل سيجر عليهم عذاباً لا طاقة لهم به ، لأنه لا إله إلا الله ، وكل الآلهة دونه باطلة . إذاً فاتقوا الله بترك الشرك والمعاصي وإلا تعرضتم للعذاب الأليم . في هاتين الآيتين تقرير للوحي والنبوة للنبي صلى الله عليه وسلم وتقرير التوحيد أيضاً وقوله تعالى في الآيات التالية : { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } استدلال على وجوب التوحيد وبطلان الشرك فالذي خلق السماوات والأرض بقدرته وعلمه وحده دون ما مُعِين له ولا مساعد حُقَّ أن يعبد ، لا تلك الآلهة الميتة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تنطق { تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزه وتقدس تعالى عما يشركون به من أصنام وأوثان . وقوله : { خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ } أي من أضعف شيء وأحقره قطرة المني خلقه في ظلمات ثلاث وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئاً حتى إذا رباه وأصبح رجلاً إذا هو خصم لله يجادل ويعاند ، ويقول من يحيي العظام وهي رميم . وقوله تعالى { وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } فهذه مظاهر القدرة الإِلهية والعلم والحكمة والرحمة وهي الموجبة لعبادته تعالى وترك عبادة ما سواه . فالأنعام وهي الإِبل والبقر والغنم خلقها الله تعالى لبني آدم ولم يخلقها لغيرهم ، لهم فيها دفء إذ يصنعون الملابس والفرش والأغطية من صوف الغنم ووبر الإِبل ولهم فيها منافع كاللبن والزبدة والسمن والجبن والنسل حيث تلد كل سنة فيتنفعون بأولادها . ومنها يأكلون اللحوم المختلفة فالمنعم بهذه النعم هو الواجب العبادة دون غيره من سائر مخلوقاته وقوله : { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ } أي منظر حسن جميل حين تريحونها عشية من المرعى إلى المراح { وَحِينَ تَسْرَحُونَ } أي تخرجونها صباحاً من مراحها إلى مراعيها ، فهذه لذة روحية ببهجة المنظر . وقوله { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ } أي إلا بجهد النفس والمشقة العظيمة . فالإِبل في الصحراء كالسفن في البحر تحمل الأثقال من بلدٍ إلى بلد وقد تكون المسافة بعيدة لا يصلها الإِنسان إلا بشق النفس وبذل الجهد والطاقة ، لولا الإِبل سفن الصحراء ومثل الإِبل الخيل والبغال والحمير في حمل الأثقال . فالخالق لهذه الأنعام هو ربكم لا إله إلا هو فاعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وقوله تعالى : { إِنَّ رَبَّكُمْ } أي خالقكم ورازقكم ومربيكم وإلهكم الحق الذي لا إله لكم غير لرؤوف رحيم ، ومظاهر رحمته ورأفته ظاهره في كل حياة الإنسان فلولا لطف الله بالانسان ورحمته له لما عاش ساعة في الحياة الدنيا فلله الحمد وله المنة . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - قرب يوم القيامة فلا معنى لاستعجاله فإنه آتٍ لا محالة ، وكل أتٍ قريب . 2 - تسمية الوحي بالروح من أجل أنه يحيى القلوب ، كما تحيى الأجسام بالأرواح . 3 - تقرير التوحيد والنبوة والبعث الآخر بذكر مظاهر القدرة الإِلهية والعلم والحكمة والرأفة والرحمة .