Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-93)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شرح الكلمات : العدل : الإِنصاف ومنه التوحيد . الإحسان : أداء الفرائض وترك المحارم مع مراقبة الله تعالى . وإيتاء ذي القربى : أي إعطاء ذي القربى حقوقهم من الصلة والبر . عن الفحشاء : الزنا . يعظكم : أي يأمركم وينهاكم . تذكرون : أي تتعظون . توكيدها : أي تغليظها . نقضت غزلها : أي أفسدت غزلها بعد ما غزلته . من بعد قوة : أي أحكام له وبرم . أنكاثاً : جمع نكث وهو ما ينكث ويحل بعد الإِبرام . كالتي نقضت غزلها : هي حمقاء مكة وتدعى رَيْطَة بنت سعد بن تيم القرشية . دخلاً بينكم : الدخل ما يدخل في الشيء وهو ليس منه للإِفساد والخديعة . أربى من أمة : أي أكثر منها عدداً وقوة . معنى الآيات : قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } أي أن الله يأمر في الكتاب الذي أنزله تبياناً لكل شيء ، يأمر بالعدل وهو الإِنصاف ومن ذلك أن يعبد الله بذكره وشكره لأنه الخالق المنعم وتترك عبادة غيره لأن غيره لم يخلق ولم يرزُق ولم ينعم بشيء . ولذا فسر هذا اللفظ بلا إله إلا الله ، { وَٱلإحْسَانِ } وهو أداء الفرائض واجتناب المحرمات مع مراقبة الله تعالى في ذلك حتى يكون الأداء على الوجه المطلوب إتقاناً وجودة والإِجتناب خوفاً من الله حياء منه ، وقوله { وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي ذوي القرابات حقوقهم من البر والصلة . هذا مما أمر الله تعالى به في كتابه ، ومما ينهى عنه الفحشاء وهو الزنا واللواط وكل قبيح اشتد قبحه وفحش حتى البخل { وَٱلْمُنْكَرِ } وهو كل ما أنكر الشرع وأنكرته الفطر السليمة والعقول الراجحة السديدة ، وينهى عن البغي وهو الظلم والاعتداء ومجاوزة الحد في الأمور كلها ، وقوله { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي أمر بهذا في كتابه رجاء أن تذكروا فتتعظوا فتمتثلوا الأمر وتجتنبوا النهي . وبذلك تكملون وتسعدون . ولذا ورد أن هذه الآية : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ } إلى { تَذَكَّرُونَ } هي أجمع آية في كتاب الله للخير والشر . وهي كذلك فما من خيرٍ إلا وأمرت به ولا من شر إلا ونهت عنه . وقوله تعالى { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } أمر من الله تعالى لعبادة المؤمنين بالوفاء بالعهود فعلى كل مؤمن بايع إماماً أو عاهد أحداً على شيء أن يفي له بالعهد ولا ينقصه . " إذ لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " كما في الحديث الشريف … وقوله تعالى { وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } الأيمان جمع يمين وهو الخلف بالله وتوكيدها تغليظها بالألفاظ الزائدة { وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً } اي وكيلاً ، أي أثناء حلفكم به تعالى ، فقد جعلتموه وكيلاً ، فهذه الآية حرمت نقض الأيمان وهو نكثها وعدم الإِلتزام بها بالحنث فيها لمصالح مادية . وقوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } فيه وعيد شديد لمن ينقض أيمانه بعد توكيدها . وقوله تعالى { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا } ، وهي امرأة بمكة حمقاء تغزل ثم تنكث غزلها وتفسده بعد إبرامه وإحكامه فنهى الله تعالى المؤمنين أن ينقضوا أيمانهم بعد توكيدها فتكون حالهم كحال هذه الحمقاء . وقوله تعالى : { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ } أي إفساداً وخديعة كأن تحالفوا جماعة وتعاهدوها ، ثم تنقضون عهدكم وتحلون ما أبرمتم من عهد وميثاق وتعاهدون جماعة أخرى لأنها أقوى وتنتفعون بها أكثر . هذا معنى قوله تعالى { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ } أي جماعة أكثر من جماعة رجالاً وسلاحاً أو مالاً ومنافع . وقوله تعالى : { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ } أي يختبركم فتعرض لكم هذه الأحوال وتجدون أنفسكم تميل إليها ، ثم تذكرون نهي ربكم عن نقض الأيمان والعهود فتتركوا ذلك طاعة لربكم أولاً تفعلوا إيثاراً للدنيا عن الآخرة ، { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } ثم يحكم بينكم ويجزيكم ، المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته … وقوله تعالى { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } على التوحيد والهداية لفعل … ولكن اقتضت حكمته العالية أن يهدي من يشاء هدايته لأنه رغب فيها وطلبها ، ويضل من يشاء إضلاله لأنه رغب في الضلال وطلبه وأصر عليه بعد النهي عنه . وقوله تعالى : { وَلَتُسْأَلُنَّ } أي سؤال توبيخ وتأنيب { عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } من سوء وباطل ، ولازم ذلك الجزاء العادل من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، ومن جاء بالسئية فلا يجزى إلا بمثلها وهم لا يظلمون . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - بيان أجمع آية للخير والشر في القرآن وهي آية { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ … } الآية [ 90 ] . 2 - وجوب العدل والإِحسان وإعطاء ذوي القربى حقوقهم الواجبة من البر والصلة . 3 - تحريم الزنا واللواط وكل قبيح اشتد قبحه من الفواحش الظاهرة والباطنة . 4 - تحريم البغي وهو الظلم بجميع صوره وأشكاله . 5 - وجوب الوفاء بالعهود وحزمة نقضها . 6 - حرمة نقض الأيمان بعد توكيدها وتوطين النفس عليها لتخرج لغو اليمين . 7 - من بايع أميراً أو عاهد احداً يجب عليه الوفاء ولا يجوز النقض والنكث لمنافع دنيوية أبداً .