Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 78-84)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شرح الكلمات : لدلوك الشمس : أي زوالها من كبد السماء ودحوضها إلى جهة الغرب . إلى غسق الليل : أي إلى ظلمة الليل ، إذ الغسق الظلمة . وقرآن الفجر : صلاة الصبح . كان مشهوداً : تشهده الملائكة ، ملائكة الليل وملائكة النهار . فتهجد به : أي بالقرآن . نافلة : أي زائدة عن الغرض وهي التهجد بالليل . مقاماً محموداً : هو الشفاعة العظمى يوم القيامة حيث يحمده الأولون والآخرون . أدخلني مدخل صدق : أي المدينة ، إدخالاً مرضياً لا أرى فيه مكروهاً . وأخرجني مخرج صدق : أي من مكة إخراجاً لا ألتفت بقلبي إليها . وقل جاء الحق وزهق الباطل : أي عند دخولك مكة فاتحاً لها بإذن الله تعالى . زهق الباطل : أي ذهب واضمحل . أعرض ونأ بجانبه : أعرض عن الشكر فلم يشكر ، ونأ بجانبه : أي ثنى عطفه متبختراً في كبرياء . على شاكلته : أي طريقته ومذهبه الذي يشاكل حاله في الهدى والضلال . معنى الآيات : بعد ذلك العرض الهائل لتلك الأحداث الجسام أمر تعالى رسوله بإقام الصلاة فإنها مأمن الخائفين ، ومنار السالكين ، ومعراج الأرواح إلى ساحة الأفراح فقال : { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } أي لأول دلوكها وهو ميلها من كبد السماء إلى الغرب وهو وقت الزوال ودخول وقت الظهر ، وقوله { إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ } أي إلى ظلمته ، ودخلت صلاة العصر فيما بين دلوك الشمس وغسق الليل ، ودخلت صلاة المغرب وصلاة العشاء في غسق الليل الذي هو ظلمته ، وقوله : { وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ } أي صلاة الصبح وهذه هي الصلوات الخمس المفروضة على أمة الإِسلام ، النبي وأتباعه سواء وقوله { إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } يعني محضوراً ، تحضره ملائكة النهار لتنصرف ملائكة الليل ، لحديث الصحيح " يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار … " وقوله { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ } أي صلاة زائدة على الفرائض الخمس وهي قيام الليل ، وهو واجب عليه صلى الله عليه وسلم بهذه الآية ، وعلى أمته مندوب إليه ، مرغوب فيه . وقوله : { عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } عسى من الله تعالى تفيد الوجوب ، ولذا فقد أخبر تعالى رسوله مبشراً إياه بأن يقيمه يوم القيامة { مَقَاماً مَّحْمُوداً } يحمده عليه الأولون والآخرون . وهو الشفاعة العظمى حيث يتخلى عنها آدم فمن دونه … حتى تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم فيقول : أنالها ، أنالها ، ويأذن له ربه فيشفع للخليقة في فضل القضاء ، ليدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، وتستريح الخليقة من عناء الموقف وطوله وصعوبته . وقوله تعالى : { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ } . هذه بشارة أخرى أن الله تعالى أذن لرسوله بالهجرة من تلقاء نفسه لا بإخراج قومه وهو كاره . فقال له : قل في دعائك ربي أدخلني المدينة دار هجرتي { مُدْخَلَ صِدْقٍ } بحيث لا أرى فيها مكروهاً ، وأخرجني من مكة يوم تخرجني { مُخْرَجَ صِدْقٍ } غير ملتفت إليها بقلبي شوقاً وحنيناً إليها . { وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } أي وسلني أن أجعل لك من لدني سلطاناً نصيراً لك على من بغاك بسوء ، وكادك بمكر وخديعة ، وحاول منعك من إقامة دينك ، ودعوتك إلى ربك ، وقوله تعالى : { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } هذه بشارة أخرى بأن الله تعالى سيفتح له مكة ، ويدخلها ظافراً منتصراً وهو يكسر الأصنام حول الكعبة وكانت ثلاثمائة وستين صنماً ! ويقول جاء الحق وزهق الباطل أي ذهب الكفر واضمحل . { إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } . لا بقاء له ولا ثبات إذا صاول الحق ، ووقف في وجهه ، وجائز أن يكون المراد بالحق ، القرآن وبالباطل الكذب والافتراء ، وجائز أن يكون الحق الإِسلام والباطل الكفر والشرك وأعم من ذلك ، أن الحق هو كل ما هو طاعة الله عز وجل ، والباطل كل طاعة للشيطان من الشرك والظلم وسائر المعاصي . وقوله تعالى : { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } أي وننزل عليك يا رسولنا محمد من القرآن ما هو شفاء أي ما يستشفى به من مرض الجهل والضلال والشك والوساوس ورحمة للمؤمنين دون الكافرين ، لأن المؤمنين يعملون به فيرحمهم الله تعالى بعملهم بكتابة ، وأما الكافرون ، فلا رحمة لهم فيه ، لأنهم مكذبون به تاركون للعمل بما فيه . وقوله { وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } أي ولا يزيد القرآن الظالمين وهم المشركون المعاندون الذين أصروا على الباطل عناداً ومكابرة ، هؤلاء لا يزيدهم ما ينزل من القرآن ويسمعونه إلا خساراً لازدياد كفرهم وظلمهم وعنادهم . وقوله تعالى : { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } يخبر الله تعالى عن الإِنسان الكافر المحروم من نور الإِيمان وهداية الإِسلام أنه إذا أنعم عليه بنعمة النجاة من الهلاك وقد أشرف عليه بغرق أو مرض أو جوع أو نحوه ، أعرض عن ذكر الله ودعائه كما كان يدعوه في حال الشدة ، ونأى بجانبه أي بعد عنا فلا يلتفت إلينا بقلبه ، وذهب في خيلائه وكبريائه وقوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } أي قنوطاً . هذا هو الكافر ، ذو ظلمة النفس لكفره وعصيانه ، إذا مسه الشر من جوع أو مرض أو خوف أحاط به كان يؤوساً أي كثير اليأس والقنوط تامهما ، لعدم إيمانه بالله ورحمته وقدرته على إنجائه وخلاصه . وقوله تعالى : { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً } أي قل يا رسولنا للمشركين ، كل منا ومنكم يعمل عل طريقته ومذهبه بحسب حاله هداية وضلالاً . والله تعالى ربكم أعلم بمن هو أهدى منا ومنكم سبيلاً . ويجزي الكل بحسب عمله وسلوكه . وهذه كلمة مفاصلة قاطعة ، للنزاع الناجم عن كون كل يدعي أنه على الحق وأن دينه أصوب ، وطريقته أمثل وسبيله أجدى وأنفع . هداية الآيات : من هداية الآيات : 1 - وجوب إقامة الصلاة وبيان أوقاتها المحددة لها . 2 - الترغيب في النوافل ، وخاصة التهجد أي " نافلة الليل " . 3 - تقرير الشفاعة العظمى للنبي صلى الله عليه وسلم . 4 - ضعف الباطل وسرعة تلاشيه إذا صاوله الحق ووقف في وجهه . 5 - القرآن شفاء لأمراض القلوب عامة ورحمة بالمؤمنين خاصة . 6 - بيان طبع المرء الكافر وبيان حال الضعف الملازم له . 7 - تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كيف يتخلصون من الجدال الفارغ والحوار غير المثمر .