Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 19-21)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شرح الكلمات : كذلك بعثناهم : أي كما أنمناهم تلك النومة الطويلة الخارقة للعادة بعثناهم من رقادهم بعثاً خارقاً للعادة أيضاً فكان في منامهم آية وفي إفاقتهم آية . كم لبثتم : أي في الكهف نائمين . يوماً أو بعض يوم : لأنهم دخلوا الكهف صباحاً واستيقظوا عشية . بورقكم : بدراهم الفضة التي عندكم . إلى المدينة : أي المدينة التي كانت تسمى أفسوس وهي طرسوس اليوم . أزكى طعاماً : أي أيُّ أطعمة المدينة أَحلُّ أي أكثر حِلِّيَّةً . وليتلطف : أي يذهب يشتري الطعام ويعود في لطف وخفاء . يرجموكم : أي يقتلوكم رمياً بالحجارة . أعثرنا عليهم : أطلعنا عليهم أهل بلدهم . ليعلموا : أي قومهم أن البعث حق للأجساد والأرواح معاً . إذ يتنازعون : أي الكفار قالوا ابنوا عليهم أي حولهم بناء يسترهم . فقالوا : أي المؤمنون والكافرون في شأن البناء عليهم . وقال الذين غلبوا على أمرهم : وهم المؤمنون لنتخذن حولهم مسجداً يصلى فيه . معنى الآيات : ما زال السياق الكريم في الحديث عن أصحاب الكهف فقوله تعالى : { وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ } أي كما أنمناهم ثلاثمائة سنة وتسعا وحفظنا أجسادهم وثيابهم من البلى ومنعناهم من وصول أحد إليهم ، وهذا من مظاهر قدرتنا وعظيم سلطاننا بعثناهم من نومهم الطويل ليتساءلوا بينهم فقال قائل منهم مستفهماً كم لبثتم يا إخواننا فأجاب بعضهم قائلاً { لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } لأنهم آووا إلى الكهف في الصباح وبعثوا من رقادهم في المساء وأجاب بعض آخر بقول مُرْضٍ للجميع وهو قوله : { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } فسلموا الأمر إليه ، وكانوا جياعاً فقالوا لبعضهم { فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ } يشيرون إلى عملة من فضة كانت معهم { إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ } وهي أفسوس التي خرجوا منها هاربين بدينهم ، وقوله : { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ } أي فلينظر الذي تبعثونه لشراء الطعام أي أنواع الأطعمة أزكى أي أطهر من الحرام والاستقذار { فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ } لتأكلوه سداً لجوعكم وليتلطف في شرائه وذهابه وإيابه حتى لا يُشعر بكم أحداً وعلل لقوله هذا بقوله { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } أي يطلعوا { يَرْجُمُوكُمْ } أو يقتلوكم رجماً بالحجارة { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } ملة الشرك بالقسر والقوة . { وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً } أي ولن تفلحوا بالنجاة من النار ودخول الجنة إذا أنتم عدتم للكفر والشرك … فكفرتم وأشركتم بربكم . وقوله تعالى : { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي وكما أنمناهم تلك المدة الطويلة وبعثناهم ليتساءلوا بينهم فيزدادوا إيماناً ومعرفة بولاية الله تعالى وحمايته لأوليائه { أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أهل مدينتهم الذين انقسموا إلى فريقين فريق يعتقد أن البعث حق وأنه بالأجسام والأرواح ، وفريق يقول البعث الآخر للأرواح دون الأجسام كما هي عقيدة النصارى إلى اليوم ، فأنام الله الفتية وبعثهم وأعثر عليهم هؤلاء القوم المختلفين فاتضح لهم أن الله قادر على بعث الناس أحياء أجساماً وأرواحاً كما بعث أصحاب الكهف وهو معنى قوله تعالى : { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ } أي أولئك المختلفون في شأن البعث أن وعد الله حق وهو ما وعد به الناس من أنه سيبعثهم بعد موتهم يوم القيامة ليحاسبهم ويجزيهم بعملهم . { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا } وقوله تعالى : { إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } أي أعثرناهم عليهم في وقت كان أهل البلد يتنازعون في شأن البعث والحياة الآخرة هل هي بالأجسام والأرواح أو بالأرواح دون الأجسام . فتبين لهم بهذه الحادثة أن البعث حق وأنه بالأجسام والأرواح معاً . وقوله تعالى : { فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً } واتركوهم في الكهف أي سدوا عليهم باب الكهف واتركوهم فيه لأنهم بعد أن عثروا عليهم ماتوا { رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } وبحالهم . وقوله تعالى : { قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } أي قال الذين غلبوا على أمر الفتية لكون الملك كان مسلماً معهم { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } أي للصلاة فيه وفعلاً بنوة على مقربة من فم الغار بالكهف . هداية الآيات : من هداية الآيات : 1 - مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته . 2 - وحوب طلب الحلال في الطعام والشراب وغيرهما . 3 - الموت على الشرك والكفر مانع من الفلاح يوم القيامة أبداً . 4 - تقرير معتقد البعث والجزاء الذي ينكره أهل مكة . 5 - مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لعن الله اليهود والنصارى إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وقوله " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق يوم القيامة " ( في الصحيحين ) . 6 - مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع " إذ قد بنى المسلمون على قبور الأولياء والصالحين المساجد . بعد القرون المفضلة حتى أصبح يندر وجود مسجد عتيق خال من قبر أو قبور .