Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 190-195)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : في خلق السماوات والأرض : أي في وجودهما من العدم . واختلاف الليل والنهار : تعاقبهما هذا يجيء وذاك يذهب ، هذا مظلم وذاك مضيء . لآيات : دلائل واضحة على وجود الله تعالى وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته . لأولي الألباب : أصحاب العقول التي تُدرك بها الأشياء وتفهم بها الأدلة . ربّنا : يقولون : ربنا الخ … باطلاً : لا لشيء مقصود منه ، وإنما هو من باب اللعب . سبحانك : تنزيها لك عن العبث واللعب ، وعن الشريك والولد . فقنا عذاب النار : أجرنا واحفظنا من عذاب النار بتوفيقك لنا للأعمال الصالحة وتجنيبنا الأعمال الفاسدة الموجبة لعذاب النار . أخزيته : أذللته وأشقيته . كفر عنا : استر وامح . الأبرار : جمع برّ أو بار وهم المتمسكون بالشريعة . على رسلك : على ألسنة رسلك من النصر والتأييد . الميعاد : الوعد . هاجروا : تركوا بلادهم وديارهم وأموالهم وأهليهم فراراً بدينهم . أوذوا في سبيلي : آذاهم المشركون من أجل الإِيمان بي ورسولي وطاعتنا . ثوابا من عند الله : أي أجراً جزاء كائناً من عند الله ، وهو الجنات بعد تكفير السيئات . معنى الآيات : لما قال اليهود تلك المقالة السيئة : إن الله تعالى فقير ونحن أغنياء ، وحرفوا الكتاب وبدلوا وغيروا ويحبون أن يحمدوا على باطلهم كانت مواقفهم هذه دالة على عمى في بصائرهم ، وضلال في عقولهم ، فذكر تعالى من الآيات الكونيّة ما يدل على غناه ، وافتقار عباده إليه ، كما يدل على ربوبيته على خلقه ، وتدبيره لحياتهم وتصرفه في أمورهم ، وإنه ربهم لا رب لهم غيره وإلههم الذي لا إله لهم سواه إلا أن هذا لا يدركه إلا أرباب العقول الحصيفة والبصائر النيرة فقال تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } نعم إن في إيجاد السماوات والأرض من العدم وفي اختلاف الليل والنهار بالطول والقصر والظلام والضياء ، والتعاقب بذهاب هذا ومجيء ذاك دلائل واضحات على غنى الله وافتقار عباده وبراهين ساطعة على ربوبيته لخلقه . وألوهيته لهم . هذا ما تضمنته الآية الأولى [ 190 ] وأما الآيات الأربع بعدها فقد تضمنت وصفاً لأولي الألباب الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض فيهتدون إلى معرفة الربّ تعالى فيذكرونه ويشكرونه . فقال تعالى عنهم : { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } وهذا شامل لحالهم فى الصلاة وخارج الصلاة . وقال عنهم : { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، أي في إيجادهما وتكوينهما وإبداعهما ، وعظيم خلقهما ، وما أودع فيهما من مخلوقات . فلا يلبثون أن يقولوا : { رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً } أي لا لحكمة مقصودة ولا لهدف مطلوب ، بل خلقته بالحق وحاشاك أن تكون من اللاعبين العابثين سبحانك تنزيها لك عن العبث واللعب بل خلقت ما خلقت لحكم عالية خلقته لأجل أن تذكر وتشكر ، فتكرم الشاكرين الذاكرين ، في دار كرامتك وتهين الكافرين في دار عذابك ، ولذا قالوا : في الآية [ 192 ] { رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } . والظالمون هم الكافرون . ولذا يعدمون النصير ويخزون بالعذاب المهين ، وقال عنهم في الآية [ 193 ] { رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا } ، والمنادى هو القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم وتوسلوا بإيمانهم لربهم طالبين أشرف المطالب وأسماها مغفرة ذنوبهم ووفاتهم مع الأبرار فقالوا { رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } وهو ما جاء في الآية [ 193 ] وأما الآية الخامسة [ 194 ] فقد سألوا ربهم أن يعطيهم ما وعدهم على ألسنة رسله من النصر والتمكين في الأرض ، هذا في الدنيا ، وأن لا يُخزِيهم يوم القيامة بتعذيبهم في النار ، فقالوا : { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } ، أي وعدك الحق وفي الآية السادسة [ 195 ] ذكر تعالى استجابته لهم فقال لهم : { أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ } بل أجازي الكل بعمله لا أنقصه له ذكراً كان أو أنثى لأن بعضكم من بعض الذكر من الأنثى والأنثى من الذ1كر فلا معنى للتفرقة بينكم ، وذكر تعالى بعض أعمالهم الصالحة التي استوجبوا بها هذا الإِنعام فقال : { فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ } ، وواعدهم قائلا : { لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } ، وكان ذلك ثوابا منه تعالى على أعمالهم الصالحة ، والله عنده حسن الثواب ، فليُرغَب إليه ، وليَطمَع فيه ، فإنه البر الرحيم . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - وجوب التفكر في خلق السماوات والأرض للحصول على المزيد من الإِيمان والإِيقان . 2 - استحباب تلاوة هذه الآيات : إن في خلق السماوات الى آخر السورة وذلك عند القيام للتهجد آخر الليل لثبوت ذلك في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم . 3 - استحباب ذكر الله في كل حال من قيام أو قعود أو اضطجاع . 4 - استحباب التعوذ من النار بل وجوبه ولو مرة فى العمر . 5 - مشروعية التوسل الى الله تعالى بالإِيمان وصالح الأعمال . 6 - فضل الهجرة والجهاد في سبيل الله . 7 - المساواة بين المؤمنين والمؤمنات في العمل والجزاء . 8 - استحباب الوفاة بين الأبرار وهم أهل الطاعة لله ولرسوله والصدق فيها وذلك بالحياة معهم والعيش بينهم لتكون الوفاة بإذن الله معهم .