Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 138-141)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : بشر المنافقين : البشارة : الخبر الذي تتأثر به بشرة من يلقى عليه خيراً كان أو شراً . والمنافق : من يبطن الكفر ويظهر الإيمان تقيّة ليحفظ دمه وماله . أولياء : يوالونهم محبة ونصرة لهم على المؤمنين . العزة : الغلبة والمنعة . يستهزأ بها : يذكونها استخفافاً بها وإنكاراً وجحوداً لها . يخوضوا : يتكلموا في موضوع آخر من موضوعات الكلام . مثلهم : أي في الكفر والإِثم . يتربصون بكم : ينتظرون متى يحصل لكم إنهزام أو إنكسار : فيعلنون عن كفرهم . نصيب : أي من النصر وعبر عنه بالنصيب القليل لأن انتصارهم على المؤمنين نادر . نستحوذ عليكم : أي نستول عليكم ونمنعكم من المؤمنين إن قاتلوكم . سبيلا : أي طريقاً إلى إذلالهم واستعبادهم والتسلط عليهم . معنى الآيات : قوله تعالى : { بَشِّرِ ٱلْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر المنافقين بلفظ البشارة لأن المخبر به يسوء وجوههم وهو العذاب الأليم وقد يكون في الدنيا بالذل والمهانة والقتل ، وأما في الآخرة فهو أسوأ العذاب وأشده وهو لازم لهم لخبث نفوسهم وظلمة أرواحهم ، ثم وصفهم تعالى بأخس صفاتهم وشرها فقال : { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } فيعطون محبتهم ونصرتهم وولاءهم للكافرين ، ويمنعون ذلك المؤمنين وذلك لأن قلوبهم كافرة آثمة لم يدخلها إيمان ولم يُنرها عمل الإِسلام ، ثم وبخهم تعالى ناعيا عليهم جهلهم فقال : { أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ } أي يطلبون العزة أي المنعة والغلبة من الكافرين أجهلوا أم عموا فلم يعرفوا { فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } فمن أعزه الله عز ومن أذله ذل والعزة تُطلب بالإِيمان وصالح الأعمال لا بالكفر والشر والفساد . هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى [ 138 ] والثانية [ 139 ] . أما الآية الرابعه [ 140 ] فإن الله تعالى يؤدب المؤمنين فيذكرهم بما أنزل عليهم في سورة الأنعام حيث نهاهم عن مجالسة أهل الباطل إذا خاضوا في الطعن في آيات الله ودينه فقال تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ } [ الأنعام : 68 ] هذا الأدب أخذ الله تعالى به رسوله والمؤمنين ، وهم في مكة قبل الهجرة ، لأن سورة الأنعام مكية ولما هاجروا إلى المدينة ، وبدأ النفاق وأصبح للمنافقين مجالس خاصة ينتقدون فيها المؤمنين ويخوضون فيها في آيات الله تعالى استهزاء وسخرية ذكر الله تعالى المؤمنين بما أنزل عليهم في مكة فقال : { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً } أي إذا رضيتم بالجلوس معهم وهم يخوضون في آيات الله { مِّثْلُهُمْ } في الإِثم والجريمة والجزاء أيضاً ، { إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً } فهل ترضون أن تكونوا معهم في جهنم ، وإن قلتم لا إذا فلا تجالسوهم . ثم ذكر تعالى وصفا آخر للمنافقين يحمل التنفير منهم والكراهية والبغض لهم فقال : { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } أي ينتظرون بكم الدوائر ويتحينون الفرص { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ } أي نصر وغنيمة قالو : { أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } فأشركونا في الغنيمة ، { وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ } في النصر قالوا لهم { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } أي نستول عليكم { وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أن يقاتلوكم ، فأعطونا مما غنمتم ، وهكذا المنافقون يمسكون العصا من الوسط فأي جانب غلب كانوا معه . ألا لعنة الله على المنافقين وما على المؤمنين إلا الصبر لأن مشكلة المنافقين عويصة الحل فالله يحكم بينهم يوم القيامة . أما الكافرون الظاهرون فلن يجعل الله تعالى لهم على المؤمنين سبيلا لا لاستئصالهم وإبادتهم ، ولا لإذلالهم والتسلط عليهم ماداموا مؤمنين صادقين في إيمانهم وهذا ما ختم الله تعالى به الآية الكريمة إذ قال : { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - حرمة اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين . 2 - الباعث للناس على اتخاذ الكافرين أولياء هو الرغبة في العزة ورفع المذلة وهذا باطل فالعزة لله ولا تطلب إلا منه تعالى بالإِيمان واتباع منهجه . 3 - حرمة مجالسة أهل الباطل إذا كانوا يخوضون في آيات الله نقداً واستهزاء وسخرية . 4 - الرضا بالكفر كفر ، والرضا بالإِثم إثم . 5 - تكفل الله تعالى بعزة المؤمنين الصادقين ومنعتهم فلا يسلط عليهم أعداءه فيستأصلونهم ، أو يذلونهم ويتحكمون فيهم .