Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 15-23)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شرح الكلمات : وجعلوا له من عباده جزءاً : أي وجعل أولئك المشركون المقرون بأن الله هو الذي خلق السماوات والأرض من عباده جزءاً إذ قالوا الملائكة بنات الله . إن الإِنسان لكفور مبين : أي إن الإنسان المعترف بأن الله خلق السماوات وجعل من عباده جزءاً هذا الإِنسان لكفور مبين أي لكثير الكفر بينه . وأصفاكم بالبنين : أي خصكم بالبنين وأخلصهم لكم . بما ضرب للرحمن مثلا : أي بما جعل للرحمن شبها وهو الولد . ظل وجهه مسودا وهو كظيم : أي أقام طوال نهاره مسود الوجه من الحزن وهو ممتلئ غيظاً . أو من يُنْشَأَ في الحلية : أي أيجترئون على الله ويجعلون له جزءاً هو البنت التي تربي في الزينة . وهو في الخصام غير مبين : أي غير مظهر للحجة لضعفه بالأنوثة . عباد الرحمن إناثاً : أي لأنهم قالوا بنات الله . أشهدوا خلقهم : أي أحضروا خلقهم عندما كان الرحمن يخلقهم . ستكتب شهادتهم : أي سيكتب قولهم إن الملائكة إناثاً . ويسألون : أي يوم القيامة عن شهاداتهم الباطلة ويعاقبون عليها . مالهم بذلك من علم : أي دعواهم أن الله راض عنهم بعبادة الملائكة لا دليل لهم عليه ولا علم . إن هم إلا يخرصون : أي ما هم إلا يكذبون يتوارثون الجهل عن بعضهم بعضا . أم آتيناهم كتابا من قبله : أي أم أنزلنا عليهم كتابا قبل القرآن . فهم به مستمسكون : أي متمسكون بما جاء فيه ، والجواب لم يقع ذلك أبداً . بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة : أي إنهم لا حجة لهم إلا التقليد الأعمى لآبائهم . وإنا على آثارهم مهتدون : أي على طريقتهم وملتهم ماشون وهي عبادة غير الله من الملائكة وغيرهم من الأصنام والأوثان . إلا قال مترفوها : أي متنعموها . إنا وجدنا آباءنا على أمة : أي ملة ودين . وإنا على آثارهم مقتدون : أي على طريقهم متبعون لهم فيها . معنى الآيات : ما زال السياق الكريم في دعوة المشركين إلى التوحيد ، والمكذبين إلى التصديق فقال تعالى مُنكراً عليهم باطلهم موبخاً لهم على اعتقاده والقول به ، فقال { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا } أي وجعل أولئك المشركون الجاهلون لله جزءاً أي نصيباً من خلقه حيث قالوا الملائكة بنات الله ، وهذا من أكذب الكذب وأكفر الكفر إذ كيف عرفوا أن الملائكة إناث ، وأنهم بنات الله ، وأنهم يستحقون العبادة مع الله فعبدوهم ؟ حقاً إن الإنسان لكفور مبين أي كثير الكفر وبينه لا يحتاج فيه إلى دليل وقوله تعالى : { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } أي أتقولون أيها المشركون المفترون اتخذ الله مما يخلق من المخلوقات بناتٍ ، وخصكم بالبنين ، بمعنى أنه فضلكم على نفسه بالذكور الذين تحبون ورضي لنفسه بالإِناث اللاتي تبغضون . عجباً منكم هذا الفهم السقيم . وقوله تعالى وإذا بشر أحدكم بما ضرب للرحمن مثلا أي بما جعل لله شبها وهو الولد ظَلَّ وجهه مسودا وهو كظيم ، أي إن هؤلاء الذين يجعلون لله البنات كذبا وافتراء ، إذا ولد لأحدهم بنت فبشر بها أي أخبر بأن امرأته جاءت ببنت ظل وجهه طوال النهار مسوداً من الكآبة والغم وهو كظيم أي ممتلئ غماً وحزناً . وقوله تعالى : { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } ينكر تعالى عليهم ويوبخهم على كذبهم وسوء فهمهم فيقول : أيجترئون ويبلغون الغاية في سوء الأدب ويجعلون لله من يربى في الزينة لنقصانه وهو البنات ، وهو في الخصام غير مبين لخفة عقله حتى قيل ما أدلت امرأة بحجة إلا كانت عليها لا لها . فقوله { غَيْرُ مُبِينٍ } أي غير مظهر للحجة لضعفه بالخِلقة وهي الأنثى والضمير عائد على من في قوله { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ } أي الزينة . وقوله تعالى { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً } أي حيث قالوا الملائكة بنات الله وعبدوهم لذلك طلبا لشفاعتهم والانتفاع بعبادتهم . قال تعالى : موبخا لهم مقيما الحجة على كذبهم أشهدوا خلقهم أي أحضروا خلقهم عندما كان الله يخلقهم ، والجواب لا ، ومن أين لهم ذلك وهم ما زالوا لم يخلقوا بعد ولا آباؤهم بل ولا آدم أصلهم عليه السلام وقوله تعالى { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ } هذه وهي قولهم إن الملائكة بنات الله ويسألون عنها ويحاسبون ويعاقبون عليها بأشد أنواع العقاب ، لأنها الكذب والافتراء ، وعلى ؟ إنه على الله ، والعياذ بالله وقوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ } . أي قال أولئك المشركون المفترون لمن أنكر عليهم عبادة الملائكة وغيرها من الأصنام قالوا : لو شاء الرحمن منا عدم عبادتهم ما عبدناهم . قال تعالى في الرد عليهم { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ } أي ليس لهم أي علم برضا الله تعالى بعبادتهم لهم ، ما هم في قولهم ذلك إلا يخرصون أي يقولون بالخرص والكذب إذ العلم يأتي من طريق الكتاب أو النبي ولا كتاب عندهم ولا نبي فيهم قال بقولتهم ، ولذا قال تعالى منكراً عليهم قولتهم الفاجرة { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } ؟ لا لا ، ما آتاهم الله من كتاب ولا جاءهم قبل محمد من نذير إذا فلا حجة لهم إلا التقليد الأعمى للآباء والأجداد الجهال الضلال وهو ما حكاه تعالى عنهم في قوله : { بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } أي ملة { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ } أي ماشون مقتفون آثارهم وقوله تعالى : { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ } أي رسول إلا قال مترفوها اي متنعموها بنضارة العيش وغضارته { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } أي ملة ودين { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } أي متبعون لهم فيها . فهذه سنة الأمم قبل أمتك يا رسولنا فلا تحزن عليهم ولا تك في ضيق بما يقولون ويعتقدون ويفعلون أيضا . وهو معنى قوله تعالى { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } إلى آخر الآية . هداية الآيات : من هداية الآيات : 1 - تقرير صفة من صفات الإِنسان قبل شفائه بالإِيمان والعبادة وهي الكفر الواضح المبين . 2 - وجوب إنكار المنكر ومحاولة تغييره في حدود ما يسمح به الشرع وتتسع له طاقة الإِنسان . 3 - بيان حال المشركين العرب في الجاهلية من كراهيتهم البنات خوف العار وذلك لشدة غيرتهم . 4 - بيان ضعف المرأة ونقصانها ولذا تكمل بالزينة ، وإن النقص فيها فطري في البدن والعقل معاً . 5 - بيان أن من قال قولاً وشهد شهادة باطلة سوف يسأل عنها يوم القيامة ويعاقب عليها . 6 - حرمة القول على الله بدون علم فلا يحل أن يُنسب إلى الله تعالى شيء لم ينسبه هو تعالى لنفسه . 7 - حرمة التقليد للآباء وأهل البلاد والمشايخ فلا يقبل قول إلا بدليل من الشرع .