Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 31-32)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : ولله ما في السماوات وما في الأرض : أي خلقاً وملكاً وتصرفاً . ليجزي الذين أساءوا بما عملوا : ليعاقب الذين أساءوا بما عملوا من الشرك والمعاصي . ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى : ويثيب الذين أحسنوا في إيمانهم وعملهم الصالح بالجنة . الذين يجتنبون كبائر الإِثم : أي يتجنبون كبائر الذنوب وهو كل ذنب وُضع له حد أو لعن فاعله أو تُوعد عليه بالعذاب في الآخرة . والفواحش إلا اللمم : أي الذنوب القبيحة كالزنا واللواط وقذف المحصنات والبخل واللمم صغائر الذنوب التي تكفر باجتناب كبائرها . هو أعلم بكم إذا أنشأكم من الأرض : أي خلق أباكم آدم من تراب الأرض . وإذا أنتم أجنة في بطون أمهاتكم : أي وأنتم في أرحام أمهاتكم لم تولدوا بعد . فلا تزكوا أنفسكم : أي فلا تمدحوها على سبيل الفخر والإِعجاب . هو أعلم بمن اتقى : أي منكم بمن اتقى منكم وبمن فجر فلا حاجة إلى ذكر ذلك منكم . معنى الآيات : ما زال السياق الكريم في تقرير ربوبيته تعالى المطلقة لكل شيء إذ تقدم في السياق قوله تعالى : { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } [ الآية : 25 ] وهنا قال عز من قائل { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } خلقاً وملكاً وتصرفاً وتدبيراً فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء هداية تابعة لحكمة وإضلال كذلك يدل عليه قوله تعالى { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ } أي إلى أنفسهم بما عملوا من الشرك والمعاصي يجزيهم بالسوء وهي جهنم { وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } إلى أنفسهم فزكوها وطهروها بالإِيمان والعمل الصالح يجزيهم بالحسنى التي هي الجنة وقوله { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ } بيّن فيه وجه إحسان المحسنين إلى أنفسهم حين طهروها بالإِيمان وصالح الأعمال ولم يلوثوها بأوضار كبائر الإِثم من كل ما تُوعد فاعله بالنار أو بلَعْنٍ أو إقامة حدٍ ، أو غضب الرب . والفواحش من زنا ولواط وبخل وقوله { إِلاَّ ٱللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } أي لكن اللمم يتجاوز عنه وهو ما ألم به المرء وتاب منه أو فعله في الجاهلية ثم أسلم ، وما كان من صغائر الذنوب كالنظرة والكلمة والتمرة . وقد فسر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة فزنا العينين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تتمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه . فمغفرة الله واسعة تشمل كل ذنب تاب منه فاعله كما تشمل كل ذنب من الصغائر " . وقوله تعالى { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } أعلم بضعفنا وغرائزنا وحاجاتنا وعجزنا مِنّا نحن بأنفسنا ولذا تجاوز لنا عن اللمم الذي نُلِمُّ به بحكم العجز والضعف ، فله الحمد والمنة ، وقوله : { فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ } ينهى الرب تعالى عباده المؤمنين عن تزكية المرء نفسه بإدعاء الكمال والطهر الأمر الذي يكون فخراً وإعجاباً والإِعجاب بالنفس محبط للعمل كالرياء والشرك فقوله { فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ } أي لا تشهدوا عليها بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي وقوله { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } أي أن الله أعلم بمن اتقى منكم ربه فخاف عقابه فأدى الفرائض واجتنب المحرمات منا ومن المتقى نفسه فلذا لا تمدحوا أنفسكم له فإنه أعلم بكم من أنفسكم . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - تقرير ربوبية الله تعالى لكل شيء وهي مستلزمة لإِلوهيته . 2 - تقرير حرية إرادة الله يهدي من يشاء ويضل ويعذب من شاء ويرحم إلا أن ذلك تابع لحكم عالية . 3 - تقرير قاعدة الجزاء من جنس العمل . 4 - تقرير قاعدة أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر . 5 - حرمة تزكية النفس وهي مدحها والشهادة عليها بالخير والفضل والكمال والتفوق .