Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 75, Ayat: 16-25)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شرح الكلمات : لا تحرك به لسانك : أي لا تحرك بالقرآن لسانك قبل فراغ جبريل منه . لتعجل به : أي مخافة أن يتفلت منك . إن علينا جمعه : أي في صدرك . وقرآنه : أي قراءتك له بحيث نُجريه على لسانك . فإِذا قرأناه : أي قرأه جبريل عليك . فاتبع قرآنه : أي استمع قراءته . ثم إن علينا بيانه : أي لك بتفهيمك ما يشكل عليك من معانيه . كلا : أي ليس الأمر كما تزعمون أنه لا بعث ولا جزاء . يحبون العاجلة : أي الدنيا فيعملون لها . ويذرون الآخرة : أم ويتركون الآخرة فلا يعملون لها . ناضرة : أي حسنة مضيئة . إلى ربها ناظرة : أي إلى الله تعالى ربها ناظرة بحيث لا تحجب عنه تعالى . باسرة : أي كالحة مسودة عابسة . تظن : أي توقن . أن يفعل بها فاقرة : أي داهية عظيمة تكسر فقار الظهر . معنى الآيات : لما ندد تعالى بالمعرضين عن القرآن المكذبين به وبالبعث والجزاء ذكر في هذه الآيات المقبلين على القرآن المسارعين إلى تلقيه فكانت المناسبة بين هذه الآيات وسابقاتها المقابلة بالتضادّ . فقال تعالى مؤدباً رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ } أي بالقرآن { لِسَانَكَ } قبل فراغ جبريل من قراءته عليك . إذ كان صلى الله عليه وسلم حريصا على القرآن يخاف أن يتفلّت منه شيء فأكرمه ربّه بالتخفيف عليه وطمأنه أن لا يفقد منه شيئا فقال له { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } مخافة أن يتفلت منك { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } أي في صدرك { وَقُرْآنَهُ } على لسانك حيث نسهل ذلك ونجريه على لسانك ، { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ } أي قرأه جبريل عليك { فَٱتَّبِعْ } له ثم اقرأه كما قرأه واعمل بشرائعه وأحكامه ، وقوله تعالى { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } أي إنا نبيّن لك ما يشكل عليك من معانيه حتى تعمل بكل ما طلب منك أن تعمل به . وقوله تعالى { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } عاد السياق الكريم إلى تقرير عقيدة البعث والجزاء والتي عليها وعلى الإِيمان بالله مدار الإِصلاح والتهذيب فقال { كَلاَّ } أي ليس كما تدعون من عدم إمكان البعث والجزاء لأنكم تعلمون أن القادر على إيجادكم اليوم وإعدامكم غداً قادر على إيجادكم مرة أخرى ، ولكن الذي جعلكم تكذبون بالبعث والجزاء هو حبكم للحياة للعاجلة أي للدنيا وما فيها من لذات وشهوات ، وترككم للآخرة أي للحياة الآخرة لأنها تكلفكم الصلاة والصيام والجهاد ، والتخلي عن كثير من اللذات والشهوات . بعد أن كشف عن نفسيات المكذبين توبيخا لهم وتقريعاً عرض على أنظارهم منظراً حيا وصورة ناطقة لما يتجاهلونه من شأن الآخرة فقال { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ } أي يوم إذ تقوم القيامة { نَّاضِرَةٌ } أي حسنة مضيئة مشرقة لأن أرواح أصحابها كانت في الدنيا مشرقة بنور الإِيمان وصالح الأعمال { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } سعيدة بلقاء ربها مكرمة بالنظر إليه وهي في جواره { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } أي كالحة مسودة عابسة وذلك لأن أرواح أصحابها كانت في الدنيا تعيش على ظلمة الكفر وعفن الذنوب ودخان المعاصي فانطبعت النفس على الوجه فهي باسرة حالكة عابسة { تَظُنُّ } أي توقن أي الوجوه والمراد أصحابها { أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } أي داهية عظيمة تكسر فقار الظهر منها وهي إلقاؤه في سقر { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } [ المدثر : 27 - 30 ] ، فاذكروا هذا يا بشر ! !