Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 9-14)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr li-kalām al-ʿalī al-kabīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شرح الكلمات : تستغيثون : أي تطلبون الغوث من الله تعالى وهو النصر على أعدائكم . مردفين : أي متتابعين بعضهم ردف بعض أي متلاحقين . وما جعله الله إلا بشرى : أي الإِمداد بالملائكة إلا بشرى لكم بالنصر . إذ يغشيكم النعاس : أي يغطيكم به والنعاس : نوم خفيف جداً . أمنة : أي أمناً من الخوف الذي أصابكم لقلتكم وكثرة عدوكم . منه : أي من الله تعالى . رجز الشيطان : وسواسه لكم بما يؤلمكم ويحزنكم . وليربط على قلوبكم : أي يشد عليها بالصبر واليقين . ويثبت به الأقدام : اي بالمطر أقدامكم حتى لا تسوخ في الرمال . الرعب : الخوف والفزع . فاضربوا كل بنان : أي أطراف اليدين والرجلين حتى يعوقهم عن الضرب والمشي . شاقوا الله ورسوله : أي خالفوه في مراده منهم فلم يطيعوه وخالفوا رسوله . ذلكم فذوقوه : أي العذاب فذوقوه . عذاب النار : أي في الآخرة . معنى الآيات : ما زال السياق في أحداث غزوة بدر ، وبيان منن الله تعالى على رسوله والمؤمنين إذ يقول تعالى لرسوله { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } أي اذكر يا رسولنا حالكم لما كنتم خائفين لقلتكم وكثرة عدوكم فاستغثتم ربكم قائلين : اللهم نصرك ، اللهم أنجز لي ما وعدتني { فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } أي متتالين يتبع بعضهم بعضاً { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ } أي لم يجعل ذلك الإِمداد إلا مجرد بشرى لكم بالنصر على عدوكم { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } أي تسكن ويذهب منها القلق والاضطراب ، أما النصر فمن عند الله ، { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } عزيز غالب لا يحال بينه وبين ما يريده ، حكيم بنصر من هو أهل للنصر ، هذه نعمة ، وثانية : اذكروا { إِذْ يُغَشِّيكُمُ } ربكم { ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ } أي أماناً منه تعالى لكم فإن العبد إذا خامره النعاس هدأ وسكن وذهب الخوف منه ، وثبت في ميدان المعركة لا يفر ولا يرهب ولا يهرب ، { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ } وهذه نعمة أخرى ، فقد كانت الأرض رملية تسوح فيها أقدامهم لا يستطيعون عليها كراً ولا فراً ، وقل ماؤهم فصاروا ظماء عطاشاً ، محدثين ، لا يجدون ما يشربون ولا ما يتطهرون به من أحداثهم ووسوس الشيطان لبعضهم بمثل قوله : تقاتلون محدثين كيف تنصرون ، تقاتلون وأنتم عطاش وعدوكم ريان إلى أمثال هذه الوسوسة ، فأنزل الله تعالى على معسكرهم خاصة مطراً غزيراً شربوا وتطهروا وتلبدت به التربة فأصبحت صالحة للقتال عليها ، هذا معنى قوله تعالى { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ } أي وسواسه { وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ } أي يشد عليها بما أفرغ عليها من الصبر وما جعل فيها من اليقين لها { وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } ونعمة أخرى واذكر { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ } بتأييدي ونصري { فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي قولوا لهم من الكلام تشجيعاً لهم ما يجعلهم يثبتون في المعركة { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } أي الخوف أيها المؤمنين { فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ } أي اضربوا المذابح { وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } أي أطراف اليدين والرجلين حتى لا يستطيعوا ضرباً بالسيف ، ولا فراراً بالأرجل وقوله تعالى { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي عادوهما وحاربوهما { وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ينتقم منه ويبطش به { فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } ، وقوله تعالى { ٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ } أي ذلكم العذاب القتل والهزيمة فذوقوه في الدنيا وأما الآخرة فلكم فيها عذاب النار . هداية الآيات من هداية الآيات : 1 - مشروعية الاستغاثة بالله تعالى وهي عبادة فلا يصح أن يستغاث بغير الله تعالى . 2 - تقرير عقيدة أن الملائكة عباد لله يسخرهم في فعل ما يشاء ، وقد سخرهم للقتال مع المؤمنين فقاتلوا ، ونصروا وثبتوا وذلك بأمر الله تعالى لهم بذلك . 3 - تعداد نعم الله تعالى على المؤمنين في غزوة بدر وهي كثيرة . 4 - مشاقة الله ورسوله كفر يستوجب صاحبها عذاب الدنيا وعذاب الآخرة . 5 - تعليم الله تعالى عباده كيف يقاتلون ويضربون أعداءهم ، وهذا شرف كبير للؤمنين .