Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 102, Ayat: 1-8)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } [ آية : 1 ] يعني شغلكم التكاثر ، وذلك أن حيين من قريش من بني عبد مناف بن قصى ، وبنى سهم بن عمرو بن مرة بن كعب ، كان بينهم لحاء فافتخروا ، فعتادى السادة والأشراف ، فقال : بنو عبد مناف : نحن أكثر سيداً ، وأعز عزيزاً ، وأعظم شرفاً ، وأمنع جانباً ، وأكثر عدداً ، فقال بنو سهم لبنى عبد مناف : مثل ذلك فكاثرهم بنو عبد مناف بالأحياء ، ثم قالوا : تعالوا نعد أمواتنا ، حتى أتوا المقابر يعدونهم ، فقالوا : هذا قبر فلان ، وهذا قبر فلان ، فعد هؤلاء وهؤلاء موتاهم ، فكاثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات ، لأنهم كانوا أكثر عدداً في الجاهلية من بني عبد مناف ، فأنزل الله في الحيين { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } يقول : شغلكم التكاثر عن ذكر الآخرة ، فلم تزالوا كذلك { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } [ آية : 2 ] كلكم يقول : إلى أن أتيتم المقابر . ثم أوعدهم الله عز وجل ، فقال : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } [ آية : 3 ] هذا وعيد ما نحن فاعلون بذلك إذا نزل بكم الموت ، ثم قال : { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } [ آية : 4 ] وهو وعيد : إذا دخلتم قبوركم ، ثم قال : { كَلاَّ } لا يؤمنون بالوعيد ، ثم استأنف ، فقال : { لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } [ آية : 5 ] لا شك فيه { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } [ آية : 6 ] لعلمتم أنكم سترون الجحيم في الآخرة { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } [ آية : 7 ] لا شك فيه ، يقول : لترون الجحيم في الآخرة معاينة ، والجحيم ما عظم من النار ، يقينها رؤية العين ، سنعذبهم مرتين ، مرة عند الموت ، ومرة عند القبر ، ثم يردون إلى عذاب عظيم . { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ } في الآخرة { يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } [ آية : 8 ] يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة ، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه ، وأيضاً ، فذلك قوله : { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا } [ الأحقاف : 20 ] ، وقال : { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } ، وذلك أن الله عز وجل إذا جمع الكفار في النار صرخوا : يا مالك ، أضجت لحومنا ، وأحرقت جلودنا ، وجاعت وأعطشت أفواهنا ، وأهلكت أبداننا ، فهل إلى خروج يوم واحد من سبيل من النار ، فيرد عليهم مالك يقول : لا ، قالوا : ساعة من النهار ، قال : لا ، قالوا : فردنا إلى الدنيا ، فنعمل غير الذي كنا نعمل ، قال : فينادى مالك ، خازن النار ، بصوت غليظ جهير ، قال : فإذا نادى حسرت النار من فوقه ، وسكن أهلها ، فيقول : أبشروا فيرجون أن تكون عافية قد أتتهم ، ثم يناديهم ، يا أهل النار ، فيقولون : لبيك ، فيقول : يا أهل البلاء ، فيقولون : لبيك ، فيقول : { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ } [ الأحقاف : 20 ] ، يا أهل الفرش والوسائد والنعمة في دار الدنيا ، كيف تجدون مس سقر ؟ قالوا : يأتينا العذاب من كل مكان ، فهل إلى أن نموت ونستريح ، قال : فيقول : وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذاباً ، قال : فذلك قوله : { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } ، يعني الشكر للنعيم الذي أعطاه الله عز جل ، فلم يهتد ولم يشكر ، يعني الكافر .