Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 106, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } [ آية : 1 ] وذلك أن قريشاً كانوا تجاراً يختلفون إلى الأرض ، ثم سميت قريش ، كانوا يمتارون في الشتاء من الأردن وفلسطين ، لأن ساحل البحر أدفا ، فإذا كان الصيف تركوا طريق الشتاء والبحر من أجل الحر ، وأخذوا إلى اليمن للميرة ، فشق عليهم الاختلاف لهم ولا تجارة قد قطعناها عنهم ، فذلك : { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } [ آية : 2 ] فقذف الله عز وجل في قلوب الحبشة أن يحملوا الطعام في السفن إلى مكة للبيع ، فحملوا إليهم فجعل أهل مكة يخرجون إليهم بالإبل والحمير ، فيشترون الطعام على مسيرة يومين من مكة ، وتتابع ذلك عليهم سنين فكفاهم الله مؤمنة الشتاء والصيف . ثم قال : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } [ آية : 3 ] لأن رب هذا البيت كفاهم مؤنة الخوف والجوع ، فليألفوا العبادة له ، كما ألفوا الحبشة ، ولم يكونوا يرجونهم ، { ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ } حين قذف في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام في السفن { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [ آية : 4 ] يعني القتل والسبي ، وذلك أن العرب في الجاهلية كان يقتل بعضهم بعضاً ، ويغير بعضهم على بعض ، فكان الله عز وجل يدفع عن أهل الحرم ، ولا يسلط عليهم عدواً ، فذلك قوله : { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } . وأيضاً { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } يقول : لا ميرة لقريش ، ولا اختلاف ، وذلك أن قريشاً كانت لا تأتيهم التجار ، ولا يهتدون إليهم ، فكانت قريش تمتار لأهلها الطعام من الشام في الشتاء ، ومن اليمن في الصيف ، وذلك أنهم كانوا في الشتاء ينطلقون إلى الشام يمتاروا الطعام لأهلهم ، فإذا جاء الصيف انطلقوا إلى اليمن ، فكانت لهم رحلتان في الشتاء والصيف ، فرحمهم الله عز وجل فقذف في قلوب الحبش أن يحملوا إليهم الطعام في السفن ، فكانوا يخرجون على مسيرة ليلة إلى جدة ، فيشترون الطعام وكفاهم الله مؤمنة الشتاء والصيف . فأنزل الله عز وجل يذكرهم النعم ، فقال : { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } والإيلاف من المؤنة والاختلاف ، ثم قال : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } يقول : أخلصوا العبادة له { ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ } حين قذف في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام في السفن ، ثم قال : { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } يعني القتل والسبي ، لأن العرب كانت يقتل بعضهم بعضاً ، ويسبى بعضهم بعضاً ، وهم آمنون في الحرم .