Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 25-35)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما كذب كفار مكة محمداً بالرسالة ، أخبر الله محمداً ، عليه السلام ، أنه أرسله رسولاً كما أرسل نوحاً ، وهوداً ، وصالحاً ، ولوطاً ، وشعيباً ، في هذه السورة ، فقال : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ } ، فقال لهم : { إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ } من العذاب في الدنيا ، { مُّبِينٌ } [ آية : 25 ] ، يعني بين ، نظيرها في سورة نوح . ثم قال : { أَن لاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } في الدنيا ، { عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } [ آية : 26 ] ، يعني وجيع . { فَقَالَ ٱلْمَلأُ } الأشراف { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا } ، يعني إلا آدمياً مثلنا لا تفضلنا بشىء ، { وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } ، يعني الرذالة من الناس السفلة ، { بَادِيَ ٱلرَّأْيِ } ، يعني بدا لنا أنهم سفلتنا ، { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } في ملك ولا مال ولا شيء فنتبعك ، يعنون نوحاً ، { بَلْ نَظُنُّكُمْ } ، يعني نحسبك من الـ { كَاذِبِينَ } [ آية : 27 ] حين تزعم أنك رسول نبي . { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ } ، يعني بيان من ربي ، { وَآتَانِي رَحْمَةً } ، يعني وأعطاني نعمة ، { مِّنْ عِندِهِ } ، وهو الهدى ، { فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ } ، يعني فخفيت عليكم الرحمة ، { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا } ، يعني الرحمة ، وهي النعمة والهدى ، { كَارِهُونَ } [ آية : 28 ] . { وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً } ، يعني جُعلاً على الإيمان ، { إِنْ أَجْرِيَ } ، يعني ما جزائى ، { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } في الآخرة ، { وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } ، يعني وما أنا بالذي لا أقبل الإيمان من السفلة عندكم ، ثم قال : { إِنَّهُمْ مُّلاَقُو رَبِّهِمْ } ، فيجزئهم بإيمانهم ، كقوله : { إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ } [ الشعراء : 113 ] ، يعني لو تعلمون إذا لقوه ، { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } [ آية : 29 ] ما آمركم به ، وما جئت به . { وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي } يمنعني { مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ } ، يعني إن لم أقبل منهم الإيمان ، أي من السفلة ، { أَفَلاَ } ، يعني أفهلا { تَذَكَّرُونَ } [ آية : 30 ] أنه لا مانع لأحد من الله . { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ } ، يعني مفاتيح الله بأنه يهدي السفلة دونكم ، { وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } ، يقول : ولا أقول لكم عندي غيب ذلك إن الله يهديهم ، وذلك قول نوح في الشعراء : { وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الشعراء : 112 ] ، ثم قال لهم نوح : { وَلاَ أَقُولُ } لكم { إِنِّي مَلَكٌ } من الملائكة ، إنما أنا بشر ، لقولهم : { مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا … } [ هود : 27 ] إلى آخر الآية . { وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ } ، يعني السفلة ، { لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً } ، يعني إيماناً ، وإن كانوا عندكم سفلة ، { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ } ، يعني بما في قلوبهم ، يعني السفلة من الإيمان ، قال نوح : { إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ آية : 31 ] إن لم أقبل منهم الإيمان . { قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا } ، يعني ماريتنا ، { فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } ، يعني مراءنا ، { فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَآ } من العذاب ، { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ آية : 32 ] بأن العذاب نازل بنا ، لقوله في هذه الآية الأولى : { إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيم } [ هود : 26 ] . وذلك أن الله أمر نوحاً أن ينذرهم العذاب في سورة نوح فكذبوه ، فقالوا : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } ، بأن العذاب نازل بنا ، فرد عليهم نوح : { قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ } ، وليس ذلك بيدى ، { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } [ آية : 33 ] ، يعني بسابقي الله بأعمالكم الخبثة حتى يجزيكم بها . { وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ } فيما أحذركم من العذاب ، { إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ } ، يعني يضلكم عن الهدى ، فـ { هُوَ رَبُّكُمْ } ، ليس له شريك { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ آية : 34 ] بعد الموت ، فيجزيكم بأعمالكم . ثم ذكر الله تعالى كفار أمة محمد صلى الله عليه وسلم من أهل مكة ؛ فقال : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } ، نظيرها في حم الزخرف : { أمْ أَنَآ خَيْرٌ } ، يعني بل أنا خير { مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ } [ الزخرف : 52 ] . { ٱفْتَرَاهُ } ، قالوا : محمد يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه ، وليس من الله ، { قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ } يعني تقولته من تلقاء نفسي ، { فَعَلَيَّ إِجْرَامِي } ، فعلي خطيئتي بافترائي على الله ، { وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ } [ آية : 35 ] ، يعني بريء من خطاياكم ، يعني كفركم بالله عز وجل .