Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 112, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [ آية : 1 ] { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } [ آية : 2 ] تعنى أحد لا شريك له ، وذلك أن عامر بن الطفيل ابن صعصعة العامري ، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أما والله لئن دخلت في دينك ليدخلن من خلفى ، ولئن امتنعت ليمتنعن من خلفي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما تريد " ؟ قال : أتبعك على أن تجعل لي الوبر ولك المدر ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا شرط في الإسلام " ، قال : فاجعل لي الخلافة بعدك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا نبى بعدي " ، قال : فأريد أن تفضلنى على أصحابك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ، ولكنك أخوهم ، إن أحسنت إسلامك " ، فقال : فتجعلنى أخا بلال وخباب بن الأرت ، وسلمان الفارسى ، وجعال ، قال : " نعم " ، فغضب ، وقال : أما والله لأثيرن عليك ألف أشقر عليها ألف أمرد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك تخوفنى " ؟ قال : له جبريل ، عليه السلام ، عن ربه : لأثيرن على كل واحد منهم ألفاً من الملائكة ، طول عنق أحدهم مسيرة سنة ، وغلظها مسيرة سنة ، وكان يكفيهم واحد ، ولكن الله عز وجل أراد أن يعلمه كثرة جنوده ، فخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متعجب مما سمع منه ، فلقيه الأربد بن قيس السهمى ، فقال له : ما شأنك ؟ وكان خليله فقص عليه قصته ، وقال : إني دخلت على ابن أبي كبشة آنفاً ، فسألته الوبر ، وله المدر فأبى ، ثم سألته من بعده فأبى ، ثم سألته أن يفضلني على أصحابه فأبى ، وقال : أنت أخوهم إن أحسنت إسلامك ، فقال له : أفلا قتلته ؟ قال : لم أطق ذلك ، قال : فارجع بنا إليه ، فإن شئت حدثته حتى أضرب عنقه ، فانطلقا على وجوههما ، حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه سلم فقعد عامر عن يمينه والأربد عن يساره ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ما يريدان ، قال : وجاء ملك من الملائكة فعصر بطن الأربد بن قيس ، وأقبل عامر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وضع يده على فمه ، وهو يقول : يا محمد لقد خوفتنى بأمر عظيم ، وبأقوام كثيرة فمن هؤلاء ؟ قال : " جنودى وهم أكثر مما ذكرت لك " ، قال : فأخبرنى ما اسم ربك ؟ وما هو ؟ ومن خليله ؟ وما حيلته ؟ وكم هو ؟ وأبو من هو ؟ ومن أى حى هو ؟ ومن أخوه ؟ . وكانت العرب يتخذون الأخلاء في الجاهلية ، فأنزل الله تعالى { قُلْ } يا محمد { هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } لقوله ما اسمه ؟ وكم هو ؟ { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } لقوله ما طعامه ؟ { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } الذي لا يأكل ولا يشرب { لَمْ يَلِدْ } يقول : ولم يتخذ ولداً { وَلَمْ يُولَدْ } [ آية : 3 ] يقول : ليس له ولد يكتنى به ، لقوله : وابن من هو ؟ ثم قال : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [ آية : 4 ] لقوله : من خليله ؟ ويقول : ليس له نظير ، ولا شبيه ، فمن أين يتخذ الخليل ، فأشار بيده وبعينه إلى الأربد بن قيس ، وهو في جهد قد عصر الملك بطنه حتى أراد أن يخرج خلاه من فيه ، وقد أهمته نفسه ، فقال الأربد : قم بنا ، فقاما ، فقال له عامر ويحك ما شأنك ؟ قال : وجدت عصراً شديداً في بطنى ، ووجعاً ، فما استطعت أن أرفع يدي . قال : فأما الأربد بن قيس ، فخرج يومئذ من المدينة ، وكان يوماً متغيماً ، فأدركته صاعقة في الطريق فقتلته ، وأما عامر بن الطفيل ، فوجاه جبريل ، عليه السلام ، في عنقه ، فخرج من عنقه دبيله ، ويقال : طاعون فمرض بالمدينة ، فلم يأوه أحد إلا امرأة مجذوباً من بنى سلول ، فقال جزعاً من الموت : غدة كغدة البعير ، ومت في بيت سلولية ، أبرز إلى يا موت ، فأنا قاتلك ، فأنزل الله عزو جل : { وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } [ الرعد : 13 ] . وأيضاً : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } وذلك أن مشركي مكة ، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انعت لنا ربك وصفه لنا ، وقال عامر بن الطفيل العامرى : أخبرنا عن ربك أمن ذهب هو ، أو من فضة ، أو من حديد ، أو من صفر ؟ وقالت اليهود : عزيراً ابن الله ، وقد أنزل الله عز وجل نعته في التوراة ، فأخبرنا عنه يا محمد ، فأنزل الله عز وجل في قولهم : { قُلْ } يا محمد { هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } لا شريك له { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } يعني الذي لا جوف له ، كجوف المخلوقين ، ويقال : الصمد السيد الذي تصمد إليه الخلائق بحوائجهم وبالإقرار والخضوع ، { لَمْ يَلِدْ } فيورث ، { وَلَمْ يُولَدْ } فيشارك ، وذلك أن مشركى العرب ، قالوا : الملائكة بنات الرحمن ، وقالت اليهود عزير ابن الله ، وقالت النصارى : المسيح ابن الله ، فأكذبهم الله عز وجل ، فبرأ نفسه من قولهم ، فقال : { لَمْ يَلِدْ } يعني لم يكن له ولد { وَلَمْ يُولَدْ } كما ولد عيسى وعزير ومريم ، { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } يقول : لم يكن له عدل ، ولا مثل من الآلهة تبارك وتعالى علواً كبيراً .