Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 44-47)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَنذِرِ } يا محمد صلى الله عليه وسلم { ٱلنَّاسَ } ، يعني كفار مكة ، { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ } في الآخرة ، { فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } ، يعني مشركي مكة ، فيسألون الرجعة إلى الدنيا ، فيقولون في الآخرة ، { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } ؛ لأن الخروج من الدنيا إلى قريب ، { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ } إلى التوحيد ، { وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } [ آية : 44 ] ، إلى البعث بعد الموت ، وذلك قوله سبحانه في النحل : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } [ النحل : 38 ] . { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } ، يعني ضروا بأنفسهم ، يعني الأمم الخالية ، الذين عذبوا في الدنيا ، يعني قوم هود وغيرهم ، { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } ، يقول : كيف عذبناهم ، { وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } [ آية : 45 ] ، يعني ووصفنا لكم الأشياء ، يقول : وبينا لكم العذاب لتوحدوا ربكم عز وجل ، يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية ؛ لئلا يكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم . ثم أخبر عن فعل نمروذ بن كنعان الجبار ، فقال : { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ } ، يقول : فعلهم ، يعني التابوت فيها الرجلان اللذان كانا في التابوت ، والنسور الأربعة ، { وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ } ، يقول : عند الله مكرهم ، يعني فعلهم ، { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } [ آية : 46 ] ، نظيرها في بني إسرائيل : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } [ الإسراء : 73 ] ، يعني وقد كادوا ، وقد كان نمروذ بن كنعان الذي حاج إبراهيم في ربه ، وهو أول من ملك الأرض كلها ، وذلك أنه بنى صرحاً ببابل زعم ليتناول إله السماء ، فخر عليهم السقف ، وهو البناء من فوقهم . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن دانيال ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، في قوله سبحانه { وَإن كَانَ مَكْرُهُمْ } ، قال : أمر نمروذ بن كنعان عدو الله ، فنحت التابوت ، وجعل له باباً من أعلاه ، وباباً من أسفله ، ثم صعد إلى أربع نسور ، ثم أوثق كل نسر بقائمة التابوت ، ثم جعل في أعلى التابوت لحماً شديد الحمرة ، في أربعة نواحى التابوت حيال النسور ، ثم جعل رجلين في التابوت ، فنهضت النسور تريد اللحم ، فارتفع التابوت إلى السماء ، فلما ارتفع ما شاء الله ، قال أحد الرجلين لصاحب : فاتح باب التابوت الأسفل فانظر كيف ترى الأرض ؟ ففتح فنظر ، قال : أراها كالعروة البيضاء . ثم قال له : افتح الباب الأعلى ، فانظر إلى السماء ، هل ازددنا منها قرباً ؟ قال : ففتح الباب الأعلى ، فإذا هي كهيئتها ، وارتفعت النسور تريد اللحم ، فلما ارتفعا جداً ، لم تدعهما الريح أن يصعد ، فقال أحدهما لصاحبه ، افتح الباب الأسفل فانظر كيف ترى الأرض ؟ قال : ففتح ، قال : إنها سوداء مظلمة ، ولا أرى منها شيئاً ، قال : اردد الباب الأسفل ، وافتح الباب الأعلى ، فانظر إلى السماء ، هل ازددنا منها قرباً ؟ ففتح الباب الأعلى ، فقال : أراها كهيئتها . قال لصاحبه : نكس التابوت ، فنكسه ، فتصوب اللحم ، وصارت النسور فوق التابوت واللحم أسفل ، ثم هوت النسور منصوبة تريد اللحم ، ، فسمعت الجبال حفيف التابوت وحفيف أجنحة النسور ، ففزعت وظنت أنه أمر نزل من السماء ، فكادت أن تزول من أماكنها من مخافة الله عز وجل ، فذلك قوله : { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } . ثم خوف كفار مكة ، فقال سبحانه : { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ } يا محمد ، { مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } في نزول العذاب بكفار مكة في الدنيا ، { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } ، يعني منيع في مكة ، { ذُو ٱنْتِقَامٍ } [ آية : 47 ] ، من أهل معصيته .