Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 73-75)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } ، يعني ثقيفاً ، يقول : وقد كادوا أن يفتنوك ، يعني قد هموا أن يصدوك ، { عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } ، كقوله سبحانه في المائدة : { وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ } [ المائدة : 49 ] ، يعني يصدوك ، { عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } [ المائدة : 49 ] ، " وذلك أن ثقيفاً أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : نحن إخوانك ، وأصهارك ، وجيرانك ، ونحن خير أهل نجد لك سلماً ، وأضره عليك حرباً ، فإن نسلم تسلم نجد كلها ، وإن نحاربك يحاربك من وراءنا ، فأعطنا الذي نريد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وما تريدون ؟ " قالوا : نسلم على ألا تجش ، ولا نعش ، ولا نحني ، يقولون : على ألا نصلي ، ولا نكسر أصنامنا بأيدينا ، وكل رباً لنا على الناس فهو لنا ، وكل رباً للناس فهو عنا موضوع ، ومن وجدناه في وادي وج يقطع شجرها انتزعنا عنه ثيابه ، وضربنا ظهره وبطنه ، وحرمته كحرمة مكة ، وصيده وطيره وشجره ، وتستعمل على بني مالك رجلاً ، وعلى الأحلاف رجلاً ، وأن تمتعنا باللات والعزى سنة ولا نكسرها بأيدينا من غير أن نعبدها ؛ ليعرف الناس كرامتنا عليك وفضلنا عليهم . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما قولكم : لا تجشى ، ولا نعشى ، والربا ، فلكم ، وأما قولكم : لا نحنى ، فإنه لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود " ، قالوا : نفعل ذلك ، وإن كان علينا فيه دناءة ، " وأما قولكم : لا نكسر أصنامنا بأيدينا ، فإنا سنأمر من يكسرها غيركم " ، ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : تمتعنا باللات سنة ، فأعرض عنهم ، وجعل يكره أن يقول : لا ، فيأبون الإسلام ، فقالت ثقيف للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كان بك ملامة العرب في كسر أصنامهم وترك أصنامنا ، فقل لهم : إن ربي أمرني أن أقر اللات بأرضهم سنة . فقال عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه ، عند ذلك : أحرقتم قلب النبي صلى الله عليه وسلم بذكر اللات ، أحرق الله أكبادكم ، لا ، ولا ونعمة ، غير أن الله عز وجل لا يدع الشرك في أرض يعبد الله تعالى فيها ، فإما أن تسلموا كما يسلم الناس ، وإما أن تلحقوا بأرضكم " ، فأنزل الله عز وجل : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } ، يقول : وإن كادوا ليصدونك ، { عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } { لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } ، يقول سبحانه : لتقول علينا غيره ما لم نقل ؛ لقولهم للنبي صلى الله عليه وسلم : قل إن الله أمرني أن أقرها ، { وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } [ آية : 73 ] ، يعني محباً ، نظيرها في الفرقان : { فُلاَناً خَلِيلاً } [ الفرقان : 28 ] ، يعني محباً ، لطواعيتكم إياهم على ما أرادوك عليه إذاً لأحبوك . { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ } يا محمد بالسكوت ، فأمرت بكسر الآلهة ، إذاً لركنت إلى المعصية ، { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ } ، يقول : لقد هممت سويعة أن تميل ، { إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } [ آية : 74 ] ، يعني أمراً يسيراً ، يقول : لقد هممت سويعة ، كقوله : { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } [ الذاريات : 39 ] ، يعني بميله أمراً يسيراً . يقول : لقد هممت سويعة أن تميل إليهم ، ولو أطعتهم فيما سألوك ، { إِذاً لأذَقْنَاكَ } العذاب في الدنيا والآخرة ، فذلك قوله سبحانه : { ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } ، يقول سبحانه : إذاً لأذقناك ضعف العذاب في الدنيا في حياتك ، وفى مماتك بعد ، { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } [ آية : 75 ] ، يعني مانعاً يمنعك منا .