Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 196-197)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ } من المواقيت ، ولا تستحلوا فيهما ما لا ينبغى لكم ، فريضتان واجبتان ، ويقال : العمرة هى الحج الأصغر ، وتمام الحج والعمرة المواقيت والإحرام خالصاً لا يخالطه شىء من أمر الدنيا ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يشركون فى إحرامهم ، فأمر الله عز وجل النبى صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن يتوهما لله ، فقال : { وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ } ، وهو ألا يخالطوهما بشىء ، ثم خوفهم أن يستحلوا منهما ما لا ينبغى ، فقال سبحانه فى آخر الآية : { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } ، يقول : فإن حبستم كقوله سبحانه : { ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 273 ] ، يعنى حبسوا ، نظيرها أيضاً : { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } [ الإسراء : 8 ] ، يعنى محبساً . يقول : إن حبسكم فى إحرامكم بحج أو بعمرة كسر أو مرض أو عدو عن المسجد الحرام ، { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ } ، يعنى فليقم محرماً مكانه ويبعث ما استيسر من الهدي أو بثمن الهدي ، فيشتري له الهدي ، فإذا نحر الهدي عنه ، فإنه يحل من إحرامه مكانه ، ثم قال : { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ } فى الإحرام ، { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } ، يعنى حتى يدخل الهدي مكة ، فإذا نحر الهدي حل من إحرامه ، { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً } ، وذلك " أن كعب بن عجرة الأنصارى كان محرماً بعمرة عام الحديبية ، فرأى النبى صلى الله عليه وسلم على مقدم رأسه قملاً كثيراً ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : يا كعب ، أيؤذيك هوام رأسك ؟ ، قال : نعم يا نبى الله ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق " ، فأنزل الله عز وجل فى كعب : { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً } { أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ } ، فحلق رأسه ، { فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ } ، فعليه فدية صيام ثلاثة أيام إن شاء متتابعاً ، وإن شاء متقطعاً ، { أَوْ صَدَقَةٍ } على سنة مساكين لكل مسكين نصف صاع من حنطة ، { أَوْ نُسُكٍ } ، يعنى شاة أو بقرة أو بعيراً ينحره ، ثم يطعمه المساكين بمكة ، ولا يأكل منه ، وهو بالخيار ، إن شاء ذبح شاة أو بقرة أو بعيراً ، فأما كعب ، فذبح بقرة . { فَإِذَآ أَمِنتُمْ } من الحبس من العدو عن البيت الحرام ، { فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ } ، يقول : وهو يريد الحج ، فإن دخل مكة وهو محرم بعمرة فى غرة شوال ، أو ذى القعدة ، أو فى عشر من ذى الحجة ، { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ } ، يعنى شاة فما فوقها يذبحها فيأكل منها ويطعم ، فقال أبو هريرة ، وسلمان ، وأبو العرباض للنبى صلى الله عليه وسلم : إنا لا نجد الهدي ، فلنصم ثلاثة أيام ، فأنزل الله عز وجل فيهم : { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } الهدي فليصم ، { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ } فى عشر الأضحى فى أول يوم من العشر إلى يوم عرفة ، فإن كان يوم عرفة يوم الثالث ، تم صومه ، ثم قال : { وَسَبْعَةٍ } ، يعني ولتصوموا سبعة أيام { إِذَا رَجَعْتُمْ } من منى إلى أهليكم ، { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } ، فمن شاء صام فى الطريق ، ومن شاء صام فى أهله ، إن شاء متتابعاً ، وإن شاء متقطعاً ، ثم قال : { ذٰلِكَ } التمتع { لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } [ آية : 196 ] ، يعنى من لم يكن منزله فى أرض الحرم كله ، فمن كان أهله فى أرض الحرم ، فلا متعة عليه ولا صوم . ثم قال عز وجل : { ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ } ، يقول : من أحرم بالحج ، فليحرم فى شوال ، أو فى ذى القعدة ، أو فى عشر ذى الحجة ، فمن أحرم فى سوى هذه الأشهر ، فقد أخطأ السنة ، وليجعلها عمرة ، ثم قال : { فَمَن فَرَضَ } ، يقول : فمن أحرم { فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ } أى الحج ، { فَلاَ رَفَثَ } ، يعنى فلا جماع ، كقوله سبحانه : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ } يعنى الجماع { إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ } [ البقرة : 187 ] { وَلاَ فُسُوقَ } ، يعنى ولا سباب ، { وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ } ، يعنى ولا مراء ، كقوله سبحانه : { مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ } [ غافر : 4 ] ، يعنى ما يمارى حتى يغضب وهو محرم ، أو يغضب صاحبه وهو محرم ، فمن فعل ذلك فليطعم مسكيناً ، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر فى حجة الوداع ، فقال : " من لم يكن معه هدي فليحل من إحرامه ، وليجعلها عمرة " ، فقالوا للنبى صلى الله عليه وسلم : إنا أهللنا بالحج ، فذلك جدالهم للنبى صلى الله عليه وسلم . ثم قال عز وجل : { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } ، يعنى مما نهى من ترك الرفث والفسوق والجدال ، { يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ } ، فيجزيكم به ، ثم قال عز وجل : { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ } ، وذلك أن ناساً من أهل اليمن وغيرهم كانوا يحجون بغير زاد ، وكانوا يصيبون من أهل الطريق ظلماً ، فأنزل الله عز وجل : { وَتَزَوَّدُواْ } من الطعام ما تكفون به وجوهكم عن الناس وطلبهم ، وخير الزاد التقوى ، يقول الله تبارك اسمه : التقوى خير زاد من غيره ، ولا تظلمون من تمرون عليه ، { وَٱتَّقُونِ } ولا تعصون { يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } [ آية : 197 ] ، يعنى يا أهل اللب والعقل ، فلما نزلت هذه الآية قال النبى صلى الله عليه وسلم : " تزودوا ما تكفون به وجوهكم عن الناس ، وخير ما تزودتم التقوى " .