Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 217-217)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } ، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب على سرية فى جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين ، على رأس ستة عشر شهراً ، بعد قدوم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلما ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاضت عيناه ، ووجد من فراق النبى صلى الله عليه وسلم بعد أن عقد له اللواء ، فلما رأى النبى صلى الله عليه وسلم وجده ، بعث مكانه عبدالله ابن جحش الأسدى من بنى غنم بن دودان ، وأمه عمة النبى صلى الله عليه وسلم أميمة بنت عبدالمطلب ، وهو حليف لبنى عبد شمس ، وكتب له كتاباً ، وأمره أن يتوجه قبل مكة ، ولا يقرأ الكتاب حتى يسير ليلتين ، فلما سار عبدالله ليلتين ، قرأ الكتاب ، فإذا فيه : سر باسم الله إلى بطن نخلة ، على اسم الله وبركته ، ولا تكرهن أحد من أصحابك على السير ، وامض لأمرى ومن اتبعك منهم ، فترصد بها عبر قريش ، فلما قرأ الكتاب استرجع عبدالله ، واتبع استرجاعه بسمع وطاعة الله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم . ثم قال عبدالله لأصحابه : من أحب منكم أن يسير معى فليسر ، ومن أحب أن يرجع فليرجع ، وهم ثمانية رهط من المهاجرين : عبدالله بن جحش الأسدى ، وسعد بن أبى وقاص الزهرى ، وعتبة بن غزوان المزني حليف لقريش ، وأبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، وسهل بن بيضاء القرشى ، ويقال : سهل من بنى الحارث بن فهد ، وعامر بن ربيعة القرشى من بني عدي بن كعب ، وواقد بن عبدالله التميمى ، فرجع من القوم سعد ابن أبي وقاص ، وعتبة بن غزوان ، وسار عبدالله ومعه خمسة نفر وهو سادسهم ، فلما قدموا لبطن نخلة بين مكة والطائف ، حملوا على أهل العير ، فقتلوا عمر بن الحضرمى القرشى ، قتله واقد بن عبد الله التميمى ، رماه بسهم ، فكان أول قتيل فى الإسلام من المشركين ، وأسروا عثمان بن عبدالله بن المغيرة ، والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة المخزومى ، فغديا بعد ذلك فى المدنية ، وأفلتهم نوفل بن عبدالله بن المغيرة المخزومى على فرس له جواد أنثى ، فقدم مكة من الغد ، وأخبر الخبر مشركي مكة ، وكرهوا الطلب ؛ لأنه أول يوم من رجب ، وسار المسلمون بالأسارى والغنمية حتى قدموا المدينة ، فقالوا : يا نبى الله ، أصبنا القوم نهاراً ، فلما أمسينا رأينا هلال رجب ، فما ندرى أصبناهم فى رجب أو فى آخر يوم من جمادى الآخرة . وأقبل مشركو مكة على مسلميهم فقالوا : يا معشر الصباة ، ألا ترون أن إخوانكم استحلوا القتال فى الشهر الحرام ، وأخذوا أسارانا وأموالنا ، وأنتم تزعمون أنكم على دين الله ، أفوجدتم هذا فى دين الله حيث أمن الخائف ، وربطت الخيل ، ووضعت الأسنة ، وبدأ الناس لمعاشهم ، فقال المسلمون : الله ورسوله أعلم ، وكتب مسلمو مكة إلى عبدالله بن جحش أن المشركين عابونا فى القتال ، وأخذ الأسرى والأموال فى الشهر الحرام ، فاسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألنا فى ذلك متكلم ، أو أنزل الله بذلك قرآناً ، فدفع عبدالله بن جحش الأسدى الكتاب إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } { قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } ، ولم يرخص فيه القتال . ثم قال : { وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، يعنى دين الإسلام ، { وَكُفْرٌ بِهِ } ، أى وكفر بالله ، { وَ } صد عن { وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ } من عند المسجد الحرام ، فذلك صدهم ، وذلك أنهم أخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة ، { أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ } ، فهذا أكبر عند الله من القتل والأسر وأخذ الأموال ، ثم قال سبحانه : { وَٱلْفِتْنَةُ } ، يعنى الإشراك الذى أنتم فيه { أَكْبَرُ } عند الله { مِنَ ٱلْقَتْلِ } ، ثم أخبر عز وجل عن رأى مشركي العرب فى المسلمين ، فقال سبحانه : { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ } ، يعنى مشركى مكة { حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ } يا معشر المؤمنين { عَن دِينِكُمْ } الإسلام ، { إِن اسْتَطَاعُواْ } ، ثم خوفهم ، فقال : { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ } الإسلام ، يقول : ومن ينقلب كافراً بعد إيمانه ، { فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلۤـٰئِكَ حَبِطَتْ } ، يعنى بطلبت { أَعْمَالُهُمْ } الخبيثة ، فلا ثواب لهم { فِي ٱلدُّنْيَا وَ } لا فى { وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلۤـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ آية : 217 ] ، يعنى لا يموتون .