Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 243-245)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ } من بنى إسرائيل { أُلُوفٌ } ثمانية آلاف ، { حَذَرَ ٱلْمَوْتِ } ، يعني حذر القتل ، وذلك أن نبيهم حزقيل بن دوم ، وهو ذو الكفل بن دوم ، ندبهم إلى قتال عدوهم ، فأبوا عليه جنباً عن عدوهم واعتلوا ، فقالوا : إن الأرض التى نبعث إليها لنقاتل عدونا ، هي أرض يكون فيها الطاعون ، فأرسل الله عز وجل عليهم الموت ، فلما رأوا أن الموت كثر فيهم ، خرجوا من ديارهم فراراً من الموت ، فلما رأى ذلك خزقيل ، قال : اللهم رب يعقوب وإله موسى ، قد ترى معصية عبادك ، فأرهم آية فى أنفسهم حتى يعلموا أنهم لن يستطيعوا فراراً منك ، فأمهلهم الله عز وجل حتى خرجوا من ديارهم ، وهى قرية تسمى دامردان . فلما خرجوا قال الله عز وجل لهم : { فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ } عبرة لهم ، فماتوا جميعاً وماتت دوابهم كموت رجل واحد ثمانية أيام ، فخرج إليهم الناس ، فعجزوا عن دفنهم حتى حظروا عليهم وأروحت أجسادهم ، { ثُمَّ } إن الله عز وجل { أَحْيَاهُمْ } بعد ثمانية أيام وبهن نتن شديد ، ثم إن حزقيل بكى إلى ربه عز وجل ، فقال : اللهم رب إبراهيم وإله موسى ، لا تكن على عبادك الظلمة كأنفسهم ، واذكر فيهم ميثاق الأولين ، فسمع الله عز وجل ، فأمره أن يدعوهم بكلمة واحدة ، فقاموا كقيام رجل واحد كان وسناناً فاستيقظ ، فذلك قوله عز وجل : { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } [ آية : 243 ] رب هذه النعمة حين أحياهم بعدما أراهم عقوبته ، ثم أمرهم عز وجل أن يرجعوا إلى عدوهم فيجاهدوا ، فذلك قوله : { مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ } أنه أحياهم بعدما أماتهم ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } . وقوله سبحانه : { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } ؛ لقولهم : إن الأرض التى نبعث إليها فيها الطاعون ، { عَلِيمٌ } [ آية : 244 ] بذلك ؛ حتى إنه ليوجد فى ذلك السبط من اليهود ريح كريح الموتى ، وكانوا ثمانية آلاف { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } طيبة بها نفسه محتسباً ، { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } بها { أَضْعَافاً كَثِيرَةً } ، نزلت فى أبى الدحداح ، واسمه عمر بن الدحداح الأنصارى ، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " من تصدق بصدقة ، فله مثلها فى الجنة " ، قال أبو الدحداح : إن تصدقت بحديقتى فلي مثلها في الجنة ؟ قال : " نعم " ، قال : وأم الدحداح معى ؟ قال : " نعم " ، قال : والصبية ؟ قال : " نعم " . وكان له حديقتان ، فتصدق بأفضلهما واسمها الجنينة ، فضاعف الله عز وجل صدقته ألفي ألف ضعف ، فذلك قوله عز وجل : { أَضْعَافاً كَثِيرَةً } { وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ } ، يعني يقتر ويوسع ، { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ آية : 245 ] فيجزيكم بأعمالكم ، فرجع أبو الدحداح إلى حديقته ، فوجد أم الدحداح والصبية فى الحديقة التى جعلها صدقة ، فقام على باب الحديقة ، وتحرج أن يدخلها ، وقال : يا أم الدحداح ، قالت له : لبيك يا أبا الدحداح ، قال : إنى قد جعلت حديقتى هذه صدقة ، واشترطت مثلها في الجنة ، وم الدحداح معي ، والصبية معى ، قالت : بارك الله لك فيما اشتريت ، فخرجوا منها ، وسلم الحديقة إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال : كم من نخلة مدلا عذوقها لأبى الدحداح في الجنة لو اجتمع على عذق منها أهل مني أن يقلوه ما أقلوه .