Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 30-30)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ } ، يعنى وقد { قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } ، وذلك أن الله عز وجل خلق الملائكة والجن قبل خلق الشياطين والإنس ، وهو آدم ، عليه السلام ، فجعلهم سكان الأرض ، وجعل الملائكة سكان السماوات ، فوقع فى الجن الفتن والحسد ، فاقتتلوا ، فبعث الله جنداً من أهل سماء الدنيا ، يقال لهم : الجن ، إبليس عدو الله منهم ، خلقوا جميعاً من نار ، وهم خزان الجنة رأسهم إبليس ، فهبطوا إلى الأرض ، فلم يكلفوا من العبادة فى الأرض ما كلفوا فى السماء ، فأحبوا القيام فى الأرض ، فأوحى الله عز وجل إليهم : إنى جاعل فى الأرض خليفة سواكم ورافعكم إلىَّ ، فكرهوا ذلك ؛ لأنهم كانوا أهون الملائكة أعمالاً ، { قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا } ، يقول : أتجعل فى الأرض { مَن يُفْسِدُ فِيهَا } ، يعنى من يعمل فيها بالمعاصى { وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } بغير حق كفعل الجن ، { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } ، يقول : نحن نذكرك بأمرك ، كقوله سبحانه : { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } [ الرعد : 13 ] ، يعنى يذكره بأمره ، ونقدس لك ونصلى لك ونعظم أمرك . { قَالَ } الله سبحانه : { إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ آية : 30 ] إن فى علمى أنكم سكان السماء ، ويكون آدم وذريته سكان الأرض ، ويكون منهم من يسبح بحمدى ويعبدنى ، فخلق آدم عليه السلام ، من طين أحمر وأبيض من السبخة والعذبة ، فمن ثم نسله أبيض وأحمر وأسود مؤمن وكافر ، فحسد إبليس تلك الصورة ، فقال للملائكة الذين هم معه : أرأيتم هذا الذى لم تروا شيئاً من الخلق على خلقته ، إن فضل علىَّ ماذا تصنعون ؟ قالوا : نسمع ونطيع لأمر الله ، وأسر عدو الله إبليس فى نفسه ، لئن فضل آدم عليه لا يطيعه وليستزنه ، فترك آدم طيناً أربعين سنة مصوراً ، فجعل إبليس يدخل من دبره ويخرج من فيه ، ويقول : أنا نار وهذا طين أجوف ، والنار تغلب الطين ولأغلبنه ، فذلك قوله عز وجل : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ سبأ : 20 ] ، يعنى قوله يومئذ : لأغلبنه ، وقوله : لأحتنكن ، يعنى لأحتوين على ذريته إلا قليلاً ، فقال للروح : ادخلى هذا الجسد ، فقالت : أى رب ، أين تدخلنى هذا الجسد المظلم ؟ فقال الله تبارك وتعالى : ادخليه كرهاً ، فدخلته كرهاً ، وهى لا تخرج منه إلا كرهاً ، ثم نفخ فيه الروح من قبل رأسه ، فترددت الروح فيه حتى بلغت نصف جسده موضع السرة ، فجعل للقعود ، فذلك قوله تعالى : { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } [ الإسراء : 11 ] ، فجعلت الروح تتردد فيه حتى بلغت أصابع الرجلين ، فأرادت أن تخرج منها ، فلم تجد منفذاً ، فرجعت إلى الرأس ، فخرجت من المنخرين ، فعطس عند ذلك خروجها من منخريه ، فقال : الحمد لله ، فكان أول كلامه ، فرد ربه عز وجل : يرحمك الله ، لهذا خلقتك ، تسبح بحمدى وتقدس لى ، فسبقت رحمته لآدم عليه السلام .