Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 133-135)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالُواْ } أى كفار مكة : { لَوْلاَ } يعنى هلا { يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ } فتعلم أنه نبى رسول كما كانت الأنبياء تجىء بها إلى قومهم ، يقول الله عز وجل : { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } [ آية : 133 ] يعنى بيان كتب إبراهيم وموسى الذى كان قبل كتاب محمد ، صلى الله عليهم أجمعين . { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ } فى الدنيا { مِّن قَبْلِهِ } يعنى من قبل هذا القرآن فى الآخرة { لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ } يعنى هلا { أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } معه كتاب { فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ } يعنى آيات القرآن { مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ } يعنى نستذل { وَنَخْزَىٰ } [ آية : 134 ] يعنى ونعذب فى الدنيا ، نظيرها فى القصص . { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ } وذلك أن كفار مكة ، قالوا : نتربص بمحمد صلى الله عليه وسلم ، الموت لأن النبى صلى الله عليه وسلم ، أوعدهم العذاب فى الدنيا ، فأنزل الله عز وجل : { قُلْ } لكفار مكة { كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ } أنتم بمحمد الموت ، ومحمد يتربص بكم العذاب فى الدنيا { فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ } إذا نزل بكم العذاب فى الدنيا { مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ } يعني العدل أنحن أم أنتم { وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ } [ آية : 135 ] منا ومنكم . حدثناعبيد الله ، قال : حدثنى أبى ، عن الهذيل ، قال : سمعت الواقدى ، ولم أسمع مقاتلا يحدث عن أبى إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أُبى بن كعب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فى قوله عز وجل : { … خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } [ الكهف : 81 ] قال : أعقبت بعد ذلك غلاماً . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنى أبى الهذيل ، عن المسيب ، عن السدى ، ومقاتل ، عن حذيفة ، أنه لما حان للخضر وموسى ، عليهما السلام ، أن يفترقا ، قال له الخضر : يا موسى ، لو صبرت لأتيت على ألف عجيبة أعجب مما رأيت ، قال : فبكى موسى على فراقه . فقال موسى للخضر : أوصنى يا نبى الله ، قال له الخضر : يا موسى ، اجعل همك فى معادك ، ولا تخض فيما لا يعينك ، ولا تأمن الخوف فى أمنك ، ولا تيأس من الأمن فى خوفك ، ولا تذر الإحسان فى قدرتك ، وتدبر الأمور فى عاقبتك . قال له موسى عليه السلام : زدنى رحمك الله ، قال له الخضر : إياك والإعجاب بنفسك ، والتفريط فيما بقى من عمرك ، واحذر من لا يغفل عنك ، قال له موسى ، صلى الله عليهما : زدنى رحمك الله ، قال له الخضر : إياك واللجاجة ، ولا تمش فى غير حاجة ، ولا تضحك من غير عجب ، ولا تعيرن أحداً من الخاطئين بخطاياهم بعد الندم ، وأبك على خطيئتك يابن عمران . قال له موسى صلى الله عليه وسلم : قد أبلغت فى الوصية ، فأتم الله عليك نعمته ، وغمرك فى رحمته ، وكلأك من عدوه ، قال له الخضر : آمين ، فأوصنى يا موسى . قال له موسى : إياك والغضب إلا فى الله تعالى ، ولا ترض عن أحد إلا فى الله عز وجل ، ولا تحب لدنيا ، ولا تبغض لدنيا تخرج من الإيمان ، وتدخلك فى الكفر . قال الخضر ، عليهما السلام : قد أبلغت فى الوصية ، فأعانك الله على طاعته ، وأراك السرور فى أمرك ، وحببك إلى خلقه ، وأوسع عليك من فضله ، قال له موسى : آمين . فبينما هما جلوس على ساحل البحر إذ انقضت خطافة فنقرت بمنقارها من البحر نقرتين . قال موسى للخضر عليهما السلام : با نبى الله ، هل تعلم ما نقص من البحر ؟ قال له الخضر : لولا ما نراد فيه لأخبرتك ، قال موسى للخضر : يا نبى الله ، هل من شىء ليس فيه بركة ؟ قال له الخضر : نعم يا موسى ، ما من شىء إلا وفيه بركة ما خلا آجال العباد ، ومدتهم ، ولولا ذلك لفنى الناس . قال موسى : وكيف ذلك ؟ قال له الخضر : أن كل شىء ينقص منه ، فلا يزاد فيه ينقطع ، قال له موسى : يا نبى الله ، من أجل أى شىء أعطاك الله عز وجل من بين العباد أن لا تموت حتى نسأل الله تعالى ، واطلعت على ما فى قلوب العباد تنظر بعين الله عز وجل ؟ قال له الخضر : يا موسى ، بالصبر عن معصية الله ، عز وجل ، والشكر لله ، عز وجل ، فى نعمته ، وسلامة القلب لا أخاف ولا أرجوا دون الله أحداً . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنى أبى ، عن الهذيل ، قال : سمعت عبد القدوس يحدث عن الحسن ، قال : سمعت ابن عباس على المنبر يقول : { فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } [ الكهف : 81 ] ، قال : جارية مكان الغلام . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا أبى ، عن الهذيل ، عن المسيب ، عن رجل ، عن ابن عباس ، فى قوله عز وجل : { … وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا … } قال : كان لوحاً من ذهب مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلا الله ، أحمد رسول الله ، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ؟ وعجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ؟ وعجبت لمن يرى الدنيا وتصريف أهلهما كيف يطمئن إليها ؟ . حدثنا عيبد الله ، قال : حدثنى أبى ، عن الهذيل ، عن أبى يوسف ، عن الحسن بن عمارة ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، فى قوله عز وجل : { … لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ … } ، قال : لم ينس ، ولكن هذا من معاريض الكلام . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنى أبى ، قال : حدثنا الهذيل ، قال : سمعت المسيب يحدث عن عبيد الله بن مالك ، عن على ، رضى الله عنه ، وقد لقيه ، قال : إن الترك سرية خرجوا من يأجوج ومأجوج يغيرون على الناس فردم ذو القرنين دونهم فبقوا . قال مقاتل : إنما سموا الترك ؛ لأنهم تركوا خلف الردم . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنى ابى ، قال : حدثنا الهذيل ، عن أبى المليح ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، قال : انتهى ذو القرنين إلى ملك من ملوك الأرض ، فقال لذى القرنين : إنك قد بلغت ما لم يبلغه أحد ، وقد أخبرت أن عندك علماً ، وأنا سائلك عن خصال أربع ، فإن أنت أخبرتنى عنهم علمت أنك عالم . ما اثنان قائمان ؟ واثنان ساعيان ؟ واثنان مشتركان ؟ واثنان متباغضان ؟ قال له ذو القرنين : أما الاثنان القائمان فالسموات والأرض لم يزولا منذ خلقهما الله ، عز وجل ، وأما الاثنان الساعيان فالشمس والقمر لم يزالا دائبين منذ خلقهما الله ، عز وجل ، وأما الاثنان المشتركان فالليل والنهار يأخذ كل واحد منهما من صاحبه ، وأما الاثنان المتباغضان فالموت والحياة لا يحب أحدهما صاحبة أبداً ، قال : صدقت ، فإنك من علماء أهل الأرض . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنى أبى ، عن الهذيل ، عن المسعودى ، عن عون بن عبد الله المزنى ، عن مطرف بن الشخير ، أنه قال : فضل العلم خير من فضل العمل ، وخير العمل أوسطه ، والحسنة بين السيئتين . قوله سبحانه : { … وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } سيئة { وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } [ الإسراء : 110 ] حسنة . قال الهذيل : ولم أسمع مقاتلا . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنى أبى ، قال الهذيل : قال مقاتل : تفسير آدم ، عليه السلام ، لأنه خلق من أديم الأرض ، وتفسير حواء ؛ لأنها خلقت من حى ، وتفسير نوح لأنه ناح على قومه ، وتفسير إبراهيم أبو الأمم ، ويقال : أب رحيم ، وتفسير إسحاق لضحك سارة ، ويعقوب لأنه خرج من بطن أمه قابض على عقب العيص ، وتفسير يوسف زيادة فى الحسن ، وتفسير يحيى : أحيى من بين ميتين ، لأنه خرج من بين شيخ كبير ، وعجوز عاقر ، صلى الله عليهم أجمعين . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنى أبى ، قال : حدثنى الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنة عمته أم هانىء فنعس ، فوضعت له وسادة ، فوضع رأسه فنام ، بينما هو نائم إذ ضحك فى منامه ، ثم وثب فاستوى جالساً ، فقالت أم هانىء : لقد سرنى ما رأيت فى وجهك ، يا رسول الله ، من البشرى ، فقال : " يا أم هانئ ، إن جبريل ، عليه السلام ، أخبرنى فى منامى أن ربى عز وجل قد وهب لى أمتى كلهم يوم القيامة ، وقال لى : لو استوهبت غيرهم لأعطيناكهم ، ففرحت لذلك وضحكت " ، ثم وضع رأسه فنام فضحك ، ثم وثب فجلس ، فقالت له أم هانئ : بأبى أنت وأمى ، لقد سرنى ما رأيت من البشرى فى وجهك ، قال : " يا أم هانئ ، أتانى جبريل ، عليه السلام فأخبرنى أن الجنة تشتاق إلىَّ ، وإلى أمتى ، فضحكت من ذلك وفرحت " . قالت أم هانئ : يحق لك يا رسول الله ، أن تفرح ، ثم وضع رأسه فنام فضحك فى منامه ، فاستوى جالساً ، فقالت أم هانئ : لقد سرنى ما رأيت من البشرى فى وجهك يا رسول الله ، قال : " يا أم هانئ ، عرضت على أمتى ، فإذا معهم قضبان النور ، إن القضيب منها ليضىء ما بين المشرق والمغرب ، فسألت جبريل ، عليه السلام ، عن تلك القضبان التى فى أيديهم ، فقال : ذلك الإسلام يا محمد ، صلى الله عليك ، وفتحت أبواب الجنة فى منامى فنظرت إلى داخلها من خارجها ، فإذا فيها قصور الدر والياقوت ، فقلت : لمن هذه ؟ فقال : لك يا محمد ولأمتك ، ولقد زينها الله عز وجل لك ، ولأمتك ، قبل أن يخلقك بألفى عام ، فضحكت من ذلك " ، قالت أم هانئ : يحق لك أن تضحك وتفرح هنيئاً لك مريئاً ، يا نبى الله ، بما أعطاك ربك . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنى أبى ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله عز وجل جنة الفردوس وغرسها بيده ، فلما فرغ منها لم تر عين ، ولم يخطر على قلب بشر مثلها وما فيها ، فقال لها تبارك وتعالى : تزينى . فتزينت ، ثم قال لها : تزينى . فتزينت ، ثم قال لها : تكلمى . فتكلمت ، قالت : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ آية : المؤمنون : 1 ] قال لها : من هم ؟ قالت : الموحدون أمة محمد صلى الله عليه وسلم { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ المؤمنون : 10 ، 11 ] ثم أغلق بابها ، فلا يفتح إلى يوم القيامة فما يجيئهم من طيب الشجر ، فهو من خلال بابها ، والحور يوم القيامة على بابها ، وأنا قائم على الحوض أرد عنه أمم الكفار كما يرى الراعى غرائب الإبل ، حتى تأتى أمتى غراً محجلين من آثار الوضوء أعرفهم فيشربون من ذلك الحوض ، فمن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً " ، فقال معاذ : يا رسول الله ، لقد سعد الذين يشربون من ذلك الحوض ، فقال : " ويحك يا معاذ ، من خلق فى بطن أمه موحداً ، ويؤمن برسوله ، فهو يشرب من ذلك الحوض ، ويدخل الفردوس " ، قال معاذ : ما أكثر ما يخلق فى بطن أمه مشركاً ، ثم يولد وهو مشرك ، ثم يموت مؤمناً ، فقال : " يا معاذ ، ويحك من مات مسلماً فقد خلق فى ظهر آدم مسلماً ، ثم تداولته ظهور المشركين حتى أدركنى ، فآمن بى ، فأولئك إخوانى ، وأنتم أصحابى " ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إِخْوَاناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } [ الحجر : 47 ] .