Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 51-70)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ } يقول : ولقد أعطينا إبراهيم هداه فى السر ، وهو صغير من قبل موسى وهارون { وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } [ آية : 51 ] يقول الله عز وجل : وكنا بإبراهيم عالمين بطاعته لنا . { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ } آزر : { وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } [ آية : 52 ] تعبدونها . { قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } [ آية : 53 ] . { قَالَ } لهم إبراهيم : { لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ آية : 54 ] . { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا } يا إبراهيم { بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ } [ آية : 55 ] قالوا : أجد هذا القول منك ، أم لعب يا إبراهيم . { قَالَ } إبراهيم : { بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ } يعنى الذى خلقهن . { وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ } يعنى على ما أقول لكم { مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } [ آية : 56 ] بأن ربكم الذى خلق السموات والأرض . { وَتَٱللَّهِ } يقول والله ، { لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } بالسوء ، يعنى أنه يكسرها ، وهى اثنان وسبعون صنماً من ذهب وفضة ، ونحاس ، وحديد ، وخشب { بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } [ آية : 57 ] ، يعنى ذاهبين إلى عيدكم ، وكان لهم عيد فى كل سنة يوماً واحداً ، وكانوا إذا خرجوا قربوا إليها الطعام ، ثم يسجدون لها ثم يخرجون ، ثم إذا جاؤوا من عيدهم بدؤا بها ، فسجدوا لها ، ثم تفرقوا إلى منازلهم ، فسمع قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام رجل منهم ، حين قال : { وَتَٱللَّه لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } فلما خرجوا دخل إبراهيم على الأصنام والطعام بين أيديها { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً } يعنى قطعاً ، كقوله سبحانه : { … عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } يعنى غير مقطوع ، ثم استثنى { إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ } يعنى أكبر الأصنام ، فلم يقطعه ، وهو من ذهب ولؤلؤ ، وعيناه ياقوتتان حمراوان تتوقدان فى الظلمة ، لهما بريق كبريق النار ، وهو فى مقدم البيت ، فلما كسرهم وضع الفأس بين يدي الصنم الأكبر ، ثم قال : { لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } [ آية : 58 ] يقول : إلى الصنم الأكبر يرجعون من عيدهم ، فلما رجعوا من عيدهم دخلوا على الأصنام ، فإذا هي مجذوذة { قَالُواْ } يعنى نمروذ بن كنعان وحده ، هو الذى قال : { مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ آية : 59 ] لنا حين انتهك هذا منا ، قال الرجل الذى كان يسمع قول إبراهيم عليه السلام حين قال : { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } [ الأنبياء : 57 ] : { قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ } بسوء ، فذلك قوله يعنى الرجل وحده ، قال : سمعت فتى يذكرهم بسوء ، إضمار { يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } [ آية : 60 ] . { قَالُواْ } قال نمروذ الجبار : { فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ } يعنى على رءوس الناس { لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } [ آية : 61 ] عليه بفعله ويشهدون عقوبته ، فلما جاءوا به { قَالُوۤاْ } قال نمروذ : { أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ } [ آية : 62 ] يعنى أنت كسرتها . { قَالَ } إبراهيم : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } يعنى أعظم الأصنام الذى فى يده الفأس ، غضب حين سويتم بينه وبين الأصنام الصغار ، فقطعها { فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } [ آية : 63 ] يقول : سلوا الأصنام المجذوذة من قطعها ؟ إن قدروا على الكلام . { فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ } فلاموها { فَقَالُوۤاْ } فقال بعضهم لبعض : { إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } [ آية : 64 ] لإبراهيم حين تزعمون أنه قطعها والفأس فى يد الصنم الأكبر ، ثم قالوا بعد ذلك : كيف يكسرها وهو مثلها . فذلك قوله سبحانه : { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } يقول : رجعوا عن قولهم الأول فقالوا لإبراهيم : { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } [ آية : 65 ] فتخبرنا من كسرها . حدثنا محمد ؛ قال : حدثنا أبو القاسم ، قال : الهذيل سمعت عبد القدوس ، ولم أسمع مقاتلاً ، يحدث عن الحسن { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } يعنى على الرؤساء والأشراف . { قَالَ } لهم إبراهيم عند ذلك : { أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الآلهة { مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً } إن عبدتموهم { وَلاَ يَضُرُّكُمْ } [ آية : 66 ] إن لم تعبدوهم . ثم قال لهم إبراهيم : { أُفٍّ لَّكُمْ } يعنى بقوله : أفٍ لكم ، الكلام الردئ { وَلِمَا تَعْبُدُونَ } من الأصنام { مِن دُونِ ٱللَّهِ } عز وجل { أَفَلاَ } يعنى أفهلا { تَعْقِلُونَ } [ آية : 67 ] أنها ليست بآلهة . { قَالُواْ حَرِّقُوهُ } بالنار { وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ } يقول : انتقموا منه { إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } [ آية : 68 ] ذلك به ، فألقوه فى النار ، يعنى إبراهيم صلى الله عليه وسلم . ويقول الله ، عز وجل : { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً } من الحر { وَسَلاَمَا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } [ آية : 69 ] يقول : وسلميه من البرد ، ولو لم يقل : وسلاماً ، لأهلكه بردها { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } يعنى بإبراهيم حين خرج من النار ، فلما نظر إليه الناس بادروا ليخبروا نمروذ ، فجعل بعضهم يكلم بعضاً ، فلا يفقهون كلامهم ، فبلبل الله ألسنتهم على سبعين لغة ، فمن ثم سميت بابل ، وحجزهم الله عنه { فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } [ آية : 70 ] .