Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 18-20)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ } وذلك أن اليهود أرسلوا إلى المنافقين يوم الخندق ، فقالوا : ماذا الذى حملكم أن تقتلوا أنفسكم بأيدي أبى سفيان ومن معه فإنهم إن قدروا هذه المرة لم يستبقوا منكم أحداً ، أنا نشفق عليكم ، إنما أنتم إخواننا ، ونحن جيرانكم ، { وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا } فأقبل رجلان من المنافقين عبدالله بن أبى ، ورجل من أصحابه على المؤمنين يعوقنهم ويخوفونهم بأبى سفيان ومن معه ، قالوا لئن قدروا عليكم هذه المرة لم يستبقوا منكم أحداّ ، وما ترجون من محمد ؟ فوالله ما يرفدنا بخير ، ولا عنده خير ماهو إلا أن يقتلنا هاهنا وما لكم فى صحبته خير ، هلم ننطلق إلى إخواننا وأصحابنا يعنون اليهود ، فلم يزد قول المنافقين للمؤمنين إلا إيماناً وتسليماً واحتساباً ، فذلك قوله عز وجل : { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ } يعنى عبدالله بن أبى وأصحابه ، ويعلم القائلين لأخوانهم يعنى اليهود حين دعوا إخوانهم المنافقين حين قالوا هلم إلينا . ثم قال : { وَلاَ يَأْتُونَ } يعنى المنافقين { ٱلْبَأْسَ } يعنى القتال { إِلاَّ قَلِيلاً } [ آية : 18 ] يعنى بالقليل إلا رياء وسمعة من غير احتساب ، ثم أخبر المنافقين ، فقال تعالى : { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } يقول : أشفقة من المنافقين عليكم حين يعوقونكم يا معشر المؤمنين ، ثم أخبر عنهم عند القتال أنهم أجبن الناس قلوباً وأضعفهم يقيناً وأسوأهم ظناً بالله عز وجل { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ } وجاءت الغنيمة { سَلَقُوكُمْ } يعنى رموكم ، يعنى عبد الله بن أبى وأصحابه ، يقول : { بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } يعنى ألسنة سليطة باسطة بالشر يقولون : أعطونا الغنيمة فقد كنا معكم فلستم بأحق بها منا ، يقول الله عز وجل : { أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ } يعنى الغنيمة { أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ } بالنبى صلى الله عليه وسلم ولم يصدقوا بتوحيد الله { فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ } يقول أبطل جهادهم لأن أعمالهم خبيثة وجهادهم لم يكن فى إيمان { وَكَانَ ذَلِكَ } يعنى حبط أعمالهم { عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } [ آية : 19 ] يعنى هينا . ثم ذكر المنافقين فقال عز وجل : { يَحْسَبُونَ ٱلأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ } وذلك أن الأحزاب الذين تحزبوا على النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، رضى الله عنهم ، فى الخندق ، وكان أبو سفيان بن حرب على أهل مكة ، وكان على بنى المصطلق وهم من خزاعة يزيد بن الحليس الخزاعى ، وكان على هوازن ، ومالك بن عوف النضرى ، وكان على بنى غطفان عيينة بن حصن بن بدر الفزارى وكان على بنى أسد طلحة بن خويلد الفقسى من بنى أسد ، ثك كانت اليهود فقذف الله عز وجل فى قلوبهم الرعب ، وأرسل عليهم ريحاً وهى الصبا فجعلت تطفىء نيرانهم وتلقى أبنيتهم وأنزل جنوداً لم تروها من الملائكة فكبروا فى عسكرهم فلما سمعوا التكبير قذف الله تعالى الرعب فى قلوبهم ، وقالوا : قد بدأ محمد بالشر فانصرفوا إلى مكة راجعين عن الخندق والرعب الذى نزل بهم فى الخندق { وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ } يعنى وإن يرجع الأحزاب إليهم للقتال { يَوَدُّواْ } يعنى يود المنافقين { لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي ٱلأَعْرَابِ } ولم يشهدوا القتال { يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَآئِكُمْ } يعنى عن حديثكم وخير ما فعل محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه { وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ } يشهدون القتال { مَّا قَاتَلُوۤاْ } يعنى المنافقين { إِلاَّ قَلِيلاً } [ آية : 20 ] يقول : ما قاتلوا إلا رياء وسمعة من غير حسبة .