Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 74-81)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال : { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ } ، يعني المشركين المسرفين ، { فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } [ آية : 74 ] ، يعني لا يموتون . { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } ، العذاب طرفة عين ، { وَهُمْ فِيهِ } ، يعني في العذاب ، { مُبْلِسُونَ } [ آية : 75 ] ، يعني آيسون من كل خير مستيقنين بكل عذاب ، مبشرين بكل سوء ، زرق الأعين ، سود الوجوه . ثم قال : { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ } ، فنعذب على غير ذنب ، { وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } [ آية : 76 ] . { وَنَادَوْاْ } في النار : { يٰمَالِكُ } ، وهو خازن جهنم ، فقال : ماذا تريدون ؟ قالوا : { لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } ، فيسكت عنهم مالك ، فلا يجيبهم مقدار أربعين سنة ، ثم يوحي الله تعالى إلى مالك بعد أربعين أن يجيبهم ، فرد عليهم مالك : { قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [ آية : 77 ] ، في العذاب ، يقول : مقيمون فيها . فقال مالك : { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ } في الدنيا ، يعني التوحيد ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } [ آية : 78 ] . قوله : { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } [ آية : 79 ] ، يقول : أم أجمعوا أمراً ، وذلك أن نفراً من قريش ، منهم : أبو جهل بن هشام ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وهشام بن عمرو ، وأبو البحتري بن هشام ، وأمية بن أبي معيط ، وعيينة بن حصن الفزاري ، والوليد بن المغيرة ، والنضر بن الحارث ، وأبي بن خلف ، بعد موت أبي طالب ، اجتمعوا في دار الندوة بمكة ليمكروا بالنبي صلى الله عليه وسلم سراً عند انقضاء المدة ، فأتاهم إبليس في صورة شيخ كبير ، فجلس إليهم ، فقالوا له : ما أدخلك في جماعتنا بغير إذننا ؟ قال عدو الله : أنا رجل من أهل نجد ، وقدمت مكة فرأيتكم حسنة وجوهكم ، طيبة ريحكم ، فأردت أن أسمع حديثكم ، وأشير عليكم ، فإن كرهتم مجلسى خرجت من بينكم . فقال بعضهم لبعض : هذا رجل من أهل نجد ، ليس من أهل مكة ، فلا بأس عليكم منه ، فتكلموا بالمكر بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو البحتري بن هشام ، من بني أسد بن عبد العزى : أما أنا ، فأرى أن تأخذوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، فتجعلوه في بيت وتسدوا عليه بابه ، وتجعلوا له كوة لطعامه وشرابه حتى يموت ، فقال إبليس : بئس الرأى رأيتم ، تعمدون إلى رجل له فيكمك صغو ، قد سمع به من حولكم ، تحبسونه في بيت ، وتطعمونه ، وتسقونه ، فيوشك الصغو الذي له فيكم أن يقاتلكم عنه ، ويفسد جماعتكم ، ويسفك دماءكم ، قالوا : صدق والله الشيخ . فقال هشام بن عمرو ، من بني عامر بن لؤي : أما أنا ، فأرى أن تحملوه على بعير ، فتخرجوه من أرضكم ، فيذهب حيث شاء ، ويليه غيركم ، فقال إبليس : بئس الرأي رأيتم ، تعمدون إلى رجل قد أفسد عليكم جماعتكم ، وتبعه طائفة منكم ، فتخرجونه إلى غيركم فيفسدهم كما أفسدكم ، فيوشك بالله أن يميل بهم عليكم ، فقال أبو جهل : صدق والله الشيخ . فقال أبو جهل بن هشام : أما أنا ، فأرى أن تعمدوا إلى كل بطن من قريش ، فتأخذون من كل بطن منهم رجلاً ، فتعطون كل رجل منهم سيفاً ، فيضربونه جميعاً ، فلا يدري قومه من يأخذون به ، وتؤدي قريش ديته ، فقال إبليس : صدق والله الشاب ، إن الأمر لكما . قال : فتفرقوا عن قول أبي جهل ، فنزل جبريل ، عليه السلام ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما ائتمروا به ، وأمره بالخروج ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من ليلته إلى الغار ، وأنزل الله تعالى في شرهم الذي أجمعوا عليه : { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } ، يقول : أم أجمعوا أمرهم على محمد صلى الله عليه وسلم بالشر ، فإنا مجمعون أمرنا على ما يكرهون ، فعندها قتل هؤلاء النفر ببدر . يقول : { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ } الذي بينهم ، { وَنَجْوَاهُم } الذي أجمعوا عليه ليثبتوك في بيت ، أو يخرجونك من مكة ، أو يقتلونك ، { بَلَىٰ } نسمع ذلك منهم ، { وَرُسُلُنَا } الملائكة الحفظة ، { لَدَيْهِمْ } ، يعني عندهم { يَكْتُبُونَ } [ آية : 80 ] . { قُلْ } يا محمد : { إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ } ، يعني ما كان للرحمن ولد ، { فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } [ آية : 81 ] ، وذلك أن النضر بن الحارث ، من بني عبدالدار بن قصي ، قال : إن الملائكة بنات الله ، فأزل الله عز وجل : { قُلْ } يا محمد : { إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ } ، يعني ما كان للرحمن ولد ، { فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } ، يعني الموحدين من أهل مكة بأن لا ولد .