Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 101-104)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله سبحانه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } ، " نزلت فى عبد الله بن جحش بن رباب الأسدى ، من بنى غنم ابن دودان ، وفى عبدالله بن حذافة القرشى ، ثم السهمى ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أيها الناس ، إن الله كتب عليكم الحج " ، فقال عبدالله بن جحش : أفى كل عام ؟ فسكت عنه صلى الله عليه وسلم ، ثم أعاد قوله ، فسكت النبى صلى الله عليه وسلم ، ثم عاد ، فغضب النبى صلى الله عليه وسلم ونخسه بقضيب كان معه ، ثم قال : " ويحك ، لو قلت نعم لوجبت ، فاتركونى ما تركتكم ، فإذا أمرتكم بأمر فافعلوه ، وإذا نهيتكم عن أمر فانتهوا عنه " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس ، إنه قد رفعت لى الدنيا ، فأنا أنظر إلى ما يكون فى أمتى من الأحداث إلى يوم القيامة ، ورفعت لى أنساب العرب ، فأنا أعرف أنسابهم رجلاً رجلاً " . فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، أين أنا ؟ قال : " أنت فى الجنة " ، ثم قام آخر ، فقال : أين أنا ؟ قال : " فى الجنة " ، ثم قال الثالث ، فقال : أين أنا ؟ فقال : أنت فى النار " ، فرجع الرجل حزيناً ، وقام عبدالله بن حذافة ، وكان يطعن فيه ، فقال : يا رسول الله ، من أبى ؟ قال : " أبوك حذافة " ، وقام رجل من بنى عبد الدار ، فقال : يا رسول الله ، من أبى ؟ قال : " سعد " ، نسبه إلى غير أبيه ، فقام عمر بن الخطاب ، فقال : يا رسول الله ، استر علينا يستر الله عليك ، إنا قوم قريبو عهد بالشرك ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيراً " ، فأنزل الله عز وجل : { لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } ، يعنى إن تبين لكم فلعلكم إن تسألوا عما لم ينزل به قرآناً فينزل به قرآناً مغلظاً لا تطيقوه ، قوله سبحانه : { وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ } ، يعنى عن الأشياء حين ينزل بها قرآناً ، { تُبْدَ لَكُمْ } تبين لكم ، { عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا } ، يقول : عفا الله عن تلك الأشياء حين لم يوجبها عليكم ، { وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } [ آية : 101 ] ، يعنى ذو تجاوز حين لا يعجل بالعقوبة . ثم قال عز وجل : { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ } ، يقول : قد سأل عن تلك الأشياء ، { مِّن قَبْلِكُمْ } ، يعنى من بنى إسرائيل ، فبينت لهم ، { ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ } [ آية : 102 ] ، وذلك أن بنى إسرائيل سألوا المائدة قبل أن تنزل ، فلما نزلت كفروا بها ، فقالوا : ليست المائدة من الله ، وكانوا يسألون أنبياءهم عن أشياء ، فإذا أخبروهم بها تركوا قولهم ، ولم يصدقوهم ، فأصبحوا بتلك الأشياء كافرين . قوله سبحانه : { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ } حراماً ، { مِن بَحِيرَةٍ } لقولهم : إن الله أمرنا بها ، " نزلت فى مشركى العرب ، منهم : قريش ، وكنانة ، وعامر بن صعصعة ، وبنو مدلج ، والحارث وعامر ابنى عبد مناة ، وخزاعة ، وثقيف ، أمرهم بذلك فى الجاهلية عمرو بن ربيعة بن لحى بن قمعة بن خندف الخزاعى ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " رأيت عمرو بن ربيعة الخزاعى رجلاً قصيراً ، أشقر ، له وفرة ، يجر قصبه فى النار ، يعنى أمعاءه ، وهو أول من سيب السائبة ، واتخذ الوصيلة ، وحمى الحامى ، ونصب الأوثان حول الكعبة ، وغير دين الحنفية ، فأشبه الناس به أكثم بن لجون الخزاعى " ، فقال أكثم : أيضرنى شبهه يا رسول الله ؟ قال : " لا ، أنت مؤمن وهو كافر " . والبحيرة الناقة إذا ولدت خمسة أبطن ، فإذا كان الخامس سقيا ، وهو الذكر ، ذبحوه للآلهة ، فكان لحمه للرجال دون النساء ، وإن كان الخامس ربعة ، يعنى أنثى ، شقوا أذنيها ، فهى البحيرة ، وكذلك من البقر ، لا يجز لها وبر ، ولا يذكر اسم الله عليها إن ركبت ، أو حمل عليها ، ولبنها للرجال دون النساء ، وأما السائبة ، فهى الأنثى من الأنعام كلها ، كان الرجل يسيب للآلهة ما شاء من إبله وبقره وغنمه ، ولا يسيب إلا الأنثى ، وظهورها ، وأولادها ، وأصوافها ، وأوبارها ، وأشعارها ، وألبانها للآلهة ، ومنافعها للرجال دون النساء ، وأما الوصيلة ، فهى الشاة من الغنم إذا ولدت سبعة أبطن عمدوا إلى السابع ، فإن كان جدياً ذبحوه للآلهة ، وكان لحمه للرجال دون النساء ، وإن كانت عتاقاً استحيوها ، فكانت من عرض الغنم . قال عبدالله بن ثابت : قال أبى : قال أبو صالح : قال مقاتل : وإن وضعته ميتاً ، أشرك فى أكله الرجال والنساء ، فذلك قوله عز وجل : { وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ } [ الأنعام : 139 ] ، بأن ولدت البطن السابع جدياً وعتاقاً ، قالوا : إن الأخت قد وصلت أخاها ، فرحمته علينا ، فحرما جميعاً ، فكانت المنفعة للرجال دون النساء ، وأما الحام ، فهو الفحل من الإبل إذا ركب أولاد أولاده ، فبلغ ذلك عشرة أو أقل من ذلك ، قالوا : قد حمى هذا ظهره ، فأحرز نفسه ، فيهل للآلهة ولا يحمل عليه ، ولا يركب ، ولا يمنع من مرعى ، ولا ماء ، ولا حمى ، ولا ينحر أبداً حتى يموت موتاً ، فأنزل الله عز وجل : { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ } حراماً ، { مِن بَحِيرَةٍ } { وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من قريش وخزاعة من مشركى العرب ، { يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } ؛ لقولهم : إن الله أمرنا بتحريمه حين قالوا فى الأعراف : { وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [ الأعراف : 28 ] ، يعنى بتحريمها ، ثم قال : { وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [ آية : 103 ] أن الله عز وجل لم يحرمه . قوله سبحانه : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } ، يعنى مشركى العرب ، { تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } فى كتابه من تحليل ما حرم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، { وَإِلَى ٱلرَّسُولِ } محمد صلى الله عليه وسلم ، { قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ } من أمر الدين ، فإن أمرنا أن نعبد ما عبدوا ، يقول الله عز وجل : { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ } ، يعنى فإن كان آباؤهم ، { لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً } من الدين ، { وَلاَ يَهْتَدُونَ } [ آية : 104 ] له ، أفتتبعونهم ؟ .