Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 2-2)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال تعالى ذكره : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ } ، يعنى مناسك الحج والعمرة ، وذلك أن الحمس ، قريشاً ، وخزاعة ، وكنانة ، وعامر بن صعصعة ، كانوا يستحلون أن يغير بعضهم على بعض فى الأشهر الحرم وغيرها ، وكانوا لا يسعون بين الصفا والمروة ، وكانوا لا يرون الوقوف بعرفات من شعائر الله ، فلما أسلموا أخبرهم الله عز وجل بأنها من شعائر الله ، فقال عز وجل : { ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 158 ] . وأمر سبحانه أن يسعى بينهما ، فأنزل الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ } { وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ } ، يقول : لا تستحلوا القتل فى الشهرا الحرام ، وذلك أن أبا ثمامة جنادة بن عوف بن أمية من بنى كنانة كان يقوم كل سنة فى سوق عكاظ ، فيقول : ألا إنى قد أحللت المحرم ، وحرمت صفراً ، وأحللت كذا ، وحرمت كذا ، ما شاء ، وكانت العرب تأخذ به ، فأنزل الله تعالى : { إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، يعنى جنادة بن عوف ، { يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } ، يعنى خلافاً على الله جل اسمه وعلى ما حرم ، { فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } [ التوبة : 37 ] من الأشهر الحرم . ثم رجع إلى الآية الأولى فى التقديم ، فقال تعالى : { وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ } ، كفعل أهل الجاهلية ، وذلك أنهم كانوا يصيبون من الطريق ، قال : وكان فى الجاهلية من أراد الحج من غير أهل الحرم ، يقلد نفسه من الشعر والوبر ، فيأمن به إلى مكة ، وإن كان من أهل الحرم ، قلد نفسه وبعيره من لحيا شجر الحرم ، فيأمن به حيث يذهب ، فهذا فى غير أشهر الحرم ، لم يقلدوا أنفسهم ولا أباعرهم وهم يأمنون حيث ما ذهبوا . قال عز وجل : { وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ } ، يعنى متوجهين نحو البيت ، نزلت فى الخطيم ، يقول : لا تتعرضوا الحجاج بيت الله ، { يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ } ، يعنى الرزق فى التجارة فى مواسم الحج ، { وَرِضْوَاناً } ، يعنى رضوان الله بحجهم ، فلا يرضى الله عنهم حتى يسلموا ، فنسخت آية السيف هذه الآية كلها . قوله سبحانه : { وَإِذَا حَلَلْتُمْ } من الإحرام ، { فَٱصْطَادُواْ } ، يقول : إذا حللتم من إحرامكم فاصطادوا ، { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ } ، يقول : ولا يحملنكم عداوة المشركين من أهل مكة ، { أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } ، يعنى منعوكم من دخول البيت الحرام أن تطوفوا به عام الحديبية ، { أَن تَعْتَدُواْ } ، يعنى أن ترتكبوا معاصيه ، فتستحلوا أخذ الهدى والقلائد والقتل فى الشهر الحرام من حجاج بكر بن وائل من أهل اليمامة ، نزلت فى الخطيم ، واسمه شريح بن ضبيعة بن شرحبيل بن عمر بن جرثوم البكرى ، من بنى قيس بن ثعلبة ، وفى حجاج المشركين ، وذلك " أن شريح بن ضبيعة جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد ، اعرض علىَّ دينك ، فعرض عليه وأخبره بما له وبما عليه ، فقال له شريح : إن فى دينك هذا غلظاً ، فأرجع إلى قومى فأعرض عليهم ما قلت ، فإن قبلوه كنت معهم ، وإن لم يقبلوه كنت معهم . فخرج من عند النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " لقد دخل بقلب كافر ، وخرج بوجه غادر ، وما أرى الرجل بمسلم " ، ثم مر على مسرح المدينة فاستاقها ، فطلبوه فسبقهم إلى المدينة ، وأنشأ يقول : @ قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعى إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر وضم خدلج الساق ولا رعش القدم @@ قال أبو محمد عبدالله بن ثابت : سمعت أبى يقول : قال أبو صالح : قتله رجل من قومه على الكفر ، وقدم الرجل الذى قتله مسلماً ، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمراً عام الحديبية فى العام الذى صده المشركون ، جاء شريح إلى مكة معتمراً ، معه تجارة عظيمة فى حجاج بكر بن وائل ، فلما سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدوم شريح وأصحابه ، وعرفوا بنبئهم ، فأراد أهل السرح أن يغيروا عليه كما أغار عليهم من قبل شريح وأصحابه ، فقالوا : نستأمر النبى صلى الله عليه وسلم ، فاستأمروه ، فنزلت الآية : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ } ، يعنى أمر المناسك . ولا تستحلوا فى الشهر الحرام أخذ الهدى ولا القلائد ، يقول : ولا تخيفوا من قلد بعيره ، ولا تستحلوا القتل آمين البيت الحرام ، يعنى متوجهين قبل البيت الحرام من حجاج المشركين ، يعنى شريح ابن ضبيعة وأصحابه يبتغون بتجاراتهم فضلاً من الله ، يعنى الرزق والتجارة ورضوانه بحجهم ، فنهى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن قتالهم ، ثم لم يرض منهم حتى يسلموا ، فنسخت هذه الآية آية السيف ، فقال عز وجل : { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] ، ثم قال تعالى : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ } [ آية : 2 ] .