Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 140-144)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم عابهم بقتل أولادهم وتحريم الحرث والأنعام ، فقال : { قَدْ خَسِرَ } في الآخرة ، { ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلاَدَهُمْ } ، يعني دفن البنات أحياء ، { سَفَهاً } ، يعني جهلاً ، { بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ } من الحرث والأنعام ، { ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ } الكذب حين زعموا أن الله أمرهم بهذا ، يعني بتحريمه ، يقول الله : { قَدْ ضَلُّواْ } عن الهدى ، { وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } [ آية : 140 ] ، وكانت ربيعة ومضر يدفنون البنات وهن أحياء ، غير بنى كنانة ، كانوا لا يفعلون ذلك . قوله : { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ } ، يعني الكروم وما يعرش ، { وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ } ، يعني قائمة على أصولها ، { وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ } ، يعني طعمه ، منه الجيد ، ومنه الدون ، ثم قال : { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً } ، ورقها في النظير يشبه ورق الزيتون ورق الرمان ، { وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ } ثمرها وطعمها ، وهما متشابها في اللون ، مختلفان في الطعم ، يقول الله : { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ } ، حين يكون غضاً ، ثم قال : { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } [ آية : 141 ] ، يقول : ولا تشركوا الآلهة في تحريم الحرث والأنعام . { وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ حَمُولَةً } ، يعني الإبل والبقر ، { وَفَرْشاً } ، والفرش الغنم الصغار مما لا يحمل عليها ، { كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } من الأنعام والحرث حلالاً طيباً ، { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } ، يعني تزيين الشيطان فتحرمونه ، { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [ آية : 142 ] ، كلم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك عوف بن مالك الجشمي ، يكنى أبا الأحوص . ثم قال : أنزل { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } قبل خلق آدم ، عليه السلام ، { مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } ، يعني ذكراً وأنثى ، { وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ } ذكراً وأنثى . { قُلْ } يا محمد لمن حرم ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى ، ونسب ذلك إلى الله : { ءَآلذَّكَرَيْنِ } من الضأن والمعز { حَرَّمَ } الله عليكم ؟ { أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ } منهما ؟ { أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ } ؟ ذكراً كان أو أنثى ؟ { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ } عن كيفية تحريم ذلك ، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ آية : 143 ] فيه . المعنى من أين جاء التحريم ، فإن كان من قبل الذكورة ، فجميع الذكور حرام ، أو الأنوثة ، فجميع الإناث ، أو اشتمال الرحم فالزوجان ، فمن أين التخصيص ؟ والاستفهام للاستنكار . { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ } ذكراً وأنثى ، { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ } ذكر وأنثى ، { قُلْ } يا محمد { ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ } ، يعني من أين تحريم الأنعام من قبل الذكرين أم من قبل الأنثيين ؟ { أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ } ، يقول : على ما اشتمل ، ما يشتمل الرحم إلا ذكراً أو أنثى ، فأين هذا الذي جاء التحريم من قبله ، وما اشتمل الرحم إلا على مثلها . يقول : ما تلد الغنم إلا الغنم ، وما تلد الناقة إلا مثلها ، يعني أن الغنم لا تلد البقر ، ولا البقر تلد الغنم ، فإن قالوا : حرم الأنثيين ، خصوا ولم يجز لهم أن يأكلوا الإناث من الأنعام ، وإن قالوا : الذكرين ، لم يجز لهم أن يأكلوا ذكور الأنعام ، فسكتوا ، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم : { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } بأن الله حرم هذا ، ثم قال : { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا } التحريم ، فسكتوا فلم يجيبوه ، إلا أنهم قالوا : حرمها آباؤنا ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " فمن أين حرمه آباؤكم ؟ " ، قالوا : الله أمرهم بتحريمه ، فأنزل الله : { فَمَنْ أَظْلَمُ } ، يقول : فلا أحد أظلم { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [ آية : 144 ] .